التناقض (١) ، والنوعيّة والتقابل لا يجتمعان البتّة (٢).

وجه الإندفاع ـ كما أفاده صدر المتألّهين (٣) رحمه‌الله ـ أنّ الجهة مختلفة (٤) ، فعدم

__________________

(١) لأنّ عدم العدم نفي النفي وسلب السلب ؛ ونفي النفي إثبات ، كما أنّ سلب السلب إيجاب ؛ فعدم العدم وجود ، وهو يقابل العدم تقابل النقيضين. ويعبّر عن مثل هذا التناقض في المنطق الجديد ب «پارادكس منطقيّ» Paradox Logeal وهو كلّ قضيّة يلزم من فرض صدقه الخلف.

(٢) فإنّ نوع الشيء هو الشيء ، ومتقابله غيره ، والهو هويّة والغيريّة لا تجتمعان.

(٣) راجع الأسفار ١ : ٣٥٢.

(٤) ويبدو من اللازم أن نلاحظ أوّلا أنّه ما المراد من الحمل الأوليّ والحمل الشائع؟ ثمّ نحاول دفع التناقض في المقام ، فنقول : إنّ الحمل على قسمين : ١ ـ الحمل الأوّليّ. ٢ ـ الحمل الشائع. وهذان قيدان قد يقيّد بهما الموضوع ، وقد يقيّد بهما القضيّة. ويختلف المراد منهما بحسب اختلاف الموردين :

١ ـ إذا كانا قيدا للموضوع فالمراد من الحمل الأوّليّ هو المفهوم ، بمعنى أنّ مفهوم الموضوع كذا ، فيقال مثلا : «الإنسان بالحمل الأوّليّ حيوان ناطق» أي مفهوم الإنسان حيوان ناطق. والمراد من الحمل الشائع هو المصداق ، بمعنى أنّ مصداق الموضوع كذا ، فيقال :

«الإنسان بالحمل الشائع كاتب» ومعناه أنّ مصداق الإنسان كاتب.

٢ ـ وإذا كانا قيدا للقضيّة فيكون المراد من الحمل الأوّليّ أنّ اتّحاد المحمول بالموضوع اتّحاد مفهوميّ ، كقولنا : «الإنسان إنسان بالحمل الأوّليّ» ، أي مفهوم الإنسان (الموضوع) نفس مفهوم الإنسان (المحمول) ، وهو الحيوان الناطق. ويكون المراد من الحمل الشائع أنّ بينهما اتّحاد مصداقيّ ، بمعنى أنّ الموضوع مصداق مفهوم المحمول ، والموضوع إمّا أن يكون مفهومه مصداق مفهوم المحمول ، كقولنا : «الإنسان كلّيّ بالحمل الأوّليّ» ، أي مفهوم الإنسان ـ وهو حيوان ناطق ـ مصداق لمفهوم الكلّي ، أو يكون مصداقه مصداق مفهوم المحمول ، كقولنا : «الإنسان أبيض بالحمل الشائع» أي مصداق الإنسان مصداق لمفهوم الأبيض.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ من شروط تحقّق التناقض بين القضيّتين وحدتهما في الموضوع والحمل. والتهافت المتوهّم في المقام يرفع إمّا باختلاف الموضوع وإمّا باختلاف الحمل.

أمّا في مثال : «عدم العدم عدم» فيرفع التهافت باختلاف الموضوع في قضيّة : «عدم العدم ليس بعدم» وقضيّة «عدم العدم عدم» ، فإنّ الموضوع في الأوّلي مقيّد بقيد الحمل الشائع ، فيرجع إلى قولنا : «عدم العدم بالحمل الشائع ليس بعدم» ، أي مصداق عدم العدم ـ وهو الوجود ـ ليس بعدم ، والموضوع في الثانية مقيّد بالحمل الأوّلى ، فيرجع إلى قولنا : «عدم العدم بالحمل الأوّلى عدم» أي مفهوم عدم العدم ـ الّذي نوع من العدم ـ عدم. ـ

۲۸۳۱