ثمّ إنّ الماهيّة النوعيّة توجد أجزاؤها في الخارج بوجود واحد ، هو وجود النوع (١) ، لأنّ الحمل بين كلّ منها (٢) وبين النوع حمل أوّليّ ، والنوع موجود بوجود واحد ، وأمّا في الذهن فبينها تغاير بالإبهام والتحصّل ، ولذلك كان كلّ من الجنس والفصل عرضيّا للآخر كما تقدّم (٣).

ومن هنا ما ذكروا (٤) أنّه لا بدّ في المركّبات الحقيقيّة ـ وهي الأنواع المادّيّة ـ أن يكون بين أجزائها فقر وحاجة من بعضها إلى بعض حتّى ترتبط وتتّحد حقيقة واحدة (٥). وقد عدّوا المسألة ضروريّة (٦).

ويمتاز المركّب الحقيقيّ من غيره بالوحدة الحقيقيّة. وذلك بأن يحصل من تألّف الأجزاء أمر آخر وراءها له أثر جديد خاصّ وراء آثار الأجزاء ، لا مثل المركّبات الاعتباريّة الّتي لا أثر لها وراء آثار الأجزاء ، كالعسكر المركّب من أفراد ، والبيت المركّب من اللبن والجصّ وغيرها.

ومن هنا يترجّح القول بأنّ التركيب بين المادّة والصورة تركيب اتحاديّ لا انضماميّ كما سيأتي إن شاء الله (٧).

ثمّ إنّ الماهيّات النوعيّة منها ما هو كثير الأفراد كالأنواع الّتي لها تعلّق مّا بالمادّة كالعنصر وكالإنسان ، ومنها ما هو منحصر في فرد كالنوع المجرّد عن المادّة ذاتا وفعلا وهو العقل. وذلك أنّ الكثرة إمّا أن تكون تمام ذات الماهيّة

__________________

ـ من جميع الجهات بحيث لا إبهام لها بالنسبة إلى فصل فهو النوع الحقيقيّ ، وإن كانت متميّزة من بعض الجهات فهو النوع الإضافيّ.

(١) كالإنسان.

(٢) أي : أجزاؤها ، كالناطق والحيوان بالنسبة إلى الإنسان.

(٣) في الفصل الخامس من هذه المرحلة.

(٤) كما قال المحقّق الطوسيّ : «ولا بدّ من حاجة مّا لبعض الأجزاء إلى البعض». راجع كشف المراد : ٩١.

(٥) وحدة حقيقيّة كالإنسان ، لا وحدة اعتباريّة كالعشرة.

(٦) راجع شرح المقاصد ١ : ١٠٤ ، وشرح المواقف : ١١٩ ، وشرح المنظومة : ١٠٤ ، والمباحث المشرقيّة ١ : ٥٦.

(٧) في الفصل الرابع عشر من المرحلة الثامنة.

۲۸۳۱