وهو الفصل كالإنسان والفرس المشتركين في الحيوانيّة المتميّزين بالنطق والصهيل. وإن كان في تمام الذات تميّزت بعرضيّ مفارق ، إذ لو كان لازما لم يخل عنه فرد ، فلازم النوع لازم لجميع أفراده.

وزاد بعضهم (١) على هذه الأقسام الثلاثة قسما رابعا ، وهو : التميّز بالتمام والنقص والشدّة والضعف في نفس الطبيعة المشتركة ، وهو التشكيك.

والحقّ (٢) أنّ الماهيّة ـ بما أنّها هي ـ لا تقبل التشكيك (٣) وإنّما التشكيك في الوجود.

هذا كلّه في الكلّيّة ، وأنّها خاصّة ذهنيّة للماهيّة (٤). وأمّا الجزئيّة وهي امتناع الشركة في الشيء ، وتسمّى : «الشخصيّة» ـ فالحقّ أنّها بالوجود ، كما ذهب إليه الفارابيّ رحمه‌الله وتبعه صدر المتألّهين (٥) رحمه‌الله. قال في الأسفار : «والحقّ أنّ تشخّص الشيء ـ بمعنى كونه ممتنع الشركة فيه بحسب نفس تصوّره ـ إنّما يكون بأمر زائد على الماهيّة مانع بحسب ذاته من تصوّر الاشتراك فيه. فالمشخّص للشيء ـ بمعنى ما به يصير ممتنع الاشتراك فيه ـ لا يكون بالحقيقة إلّا نفس وجود ذلك الشيء ، كما ذهب إليه المعلّم الثاني ، فإنّ كلّ وجود متشخّص بنفس ذاته ، وإذا قطع النظر عن نحو الوجود الخاصّ للشيء فالعقل لا يأبى عن تجويز الاشتراك فيه ، وإن ضمّ إليه

__________________

(١) وهو الشيخ الإشراقيّ في حكمة الإشراق حيث قال : «وأمّا الفارق بين أشخاصها فليس بفصليّ ، فإنّ جواب (ما هو؟) لا يتغيّر فيها ، ولا هو عارض ، بل قسم ثالث هو الكماليّة والنقص». فراجع كلام الماتن في شرح حكمة الإشراق : ٢٣٤.

(٢) كما في تعليقات شرح حكمة الإشراق لصدر المتألّهين ، فراجع شرح حكمة الإشراق : ٢٣٤ و ٢٣٧.

(٣) لأنّها من حيث هي ليست إلّا هي ، لا شديدة ولا ضعيفة ، ولا تامّة ولا ناقصة.

(٤) وأمّا عند المنطقيّين فالكلّيّة خاصّة للمفهوم الذهنيّ بما هو حاك للخارج ، كما أنّ الجزئيّة عندهم خاصّة له ، سواء كان مفهوما ماهويّا أو معقولا ثانيا.

(٥) نسب إليهما في شرح المنظومة : ١٠٦. ونسبه المحقّق الدوانيّ إلى الفارابيّ وغيره في حاشيته على شرح التجريد للقوشجيّ : ٩٦.

۲۸۳۱