وإذا اتّضحت النكتة الحقيقية التي تُميِّز الأمارة أمكننا أن نستنتج أنّ مثبتاتها ومدلولاتها الالتزامية حجّة على القاعدة ؛ لأنّ ملاك الحجِّية فيها حيثيّة الكشف التكوينيّ في الأمارة الموجبة لتعيين الأهمّية وفقاً لها ، وهذه الحيثية نسبتها إلى المدلول المطابقيّ والمداليل الالتزامية نسبة واحدة ، فلا يمكن التفكيك بين المداليل في الحجِّية ما دامت الحيثية المذكورة هي تمام الملاك في جعل الحجِّية كما هو معنى الأماريّة ، وهذا يعني أنّا كلّما استظهرنا الأماريّة من دليل الحجِّية كفى ذلك في البناء على حجِّية مثبتاتها بلا حاجةٍ إلى قرينةٍ خاصّة.

تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية :

إذا كان اللازم المدلول عليه من قبل الأمارة بالدلالة الالتزامية من قبيل اللازم الأعمِّ ، فهو محتمل الثبوت حتى مع عدم ثبوت المدلول المطابقي ، وحينئذٍ إذا سقطت الأمارة عن الحجِّية في المدلول المطابقيّ لوجود معارضٍ أو للعلم بخطئها فيه فهل تسقط حجّيتها في المدلول الالتزامي أيضاً ، أوْ لا؟

قد يقال : إنّ مجرّد تفرّع الدلالة الالتزامية على الدلالة المطابقية وجوداً لا يبرِّر تفرّعها عليها في الحجِّية أيضاً.

وقد يقرَّب التفرّع في الحجّية بأحد الوجهين التاليين :

الأوّل : ما ذكره السيّد الاستاذ (١) من أنّ المدلول الالتزاميّ مساوٍ دائماً للمدلول المطابقي ، وليس أعمّ منه. فكلّ ما يوجب إبطال المدلول المطابقيّ أو المعارضة معه يوجب ذلك بشأن المدلول الالتزاميّ أيضاً. والوجه في المساواة ـ مع أنّ ذات اللازم قد يكون أعمّ من ملزومه ـ أنّ اللازم الأعمّ له حصّتان :

__________________

(١) مصباح الاصول ٣ : ٣٦٩ ـ ٣٧٠.

۶۰۸۷