[مدى تأثير كون دليل الحجّية لبّياً :]

الرابع : ينبغي أن يعلم أنّا في تنقيح القاعدة على ضوء دليل الحجّية كنّا نستبطن افتراضاً ، وهو التعامل مع أدلّة الحجّية بوصفها أدلّةً لفظيةً لا ترفع اليد عن إطلاقها إلاّبقدر الضرورة ، إلاّأنّ هذا الافتراض لا ينطبق على الواقع ؛ لأنّ دليل الحجّية في الغالب لبّيّ مرجعه إلى السيرة العقلائية ، وسيرة المتشرّعة ، والإجماع.

والأدلة اللفظية إذا تمّت تعتبر إمضائيةً فتنصرف إلى نفس مفاد تلك الأدلّة اللبِّية وتتحدّد بحدودها.

وعلى هذا الأساس سوف تتغيّر نتيجتان من النتائج التي انتهينا اليها سابقاً :

الاولى : ما كنّا نفترضه من التمسّك بإطلاق دليل الحجّية لإثبات حجّيةٍ في كلٍّ من المتعارضين مشروطةٍ بكذب الآخر ، وكنّا نستفيد من ذلك لنفي احتمال الثالث ، فإنّ هذا الافتراض يناسب الدليل اللفظي الذي له إطلاق يشمل المتعارضين بحدّ ذاته. وأمّا إذا كان مدرك الحجّية الأدلّة اللبِّية من السيرة العقلائية وغيرها فلا إطلاق فيها للمتعارضين رأساً ، فلا يمكن أن نثبت بها حجّيتين مشروطتين على النحو المذكور.

الثانية : ما كنّا نفترضه ـ في حالة تعارض الدليل اللفظيّ القطعيّ سنداً مع الدليل اللفظيّ الظنّيّ سنداً وعدم إمكان الجمع العرفي ـ من وقوع التعارض بين دليل حجّية الظهور في الأول ودليل حجّية السند في الثاني ، فإنّ هذا يناسب الإقرار بتمامية كلٍّ من هذين الدليلين في نفسه وصلاحيته لمعارضة الآخر ، مع أنّ الواقع بناءً على أنّ دليل حجّية السند ـ أي حجّية خبر الواحد ـ السيرة قصوره في نفسه عن الشمول لمورد المعارضة المستقرة لظاهر كلامٍ قطعيّ الصدور من الشارع ؛ لعدم انعقاد السيرة في مثل ذلك على التعبّد بنقل المعارض.

۶۰۸۷