وإنمّا الخلاف في نقطة ، وهي : أنّ قرينية الخاصّ على التخصيص هل هي بملاك الأخصّية مباشرةً ، أو بملاك أنّه أقوى الدليلين ظهوراً ، فانّ ظهور الخاصّ في الشمول لمورده أقوى دائماً من ظهور العامّ في الشمول له؟

وتظهر الثمرة فيما إذا كان استخراج الحكم من الدليل الخاصّ موقوفاً على ملاحظة ظهورٍ آخر غير ظهوره في الشمول المذكور ، إذ قد لا يكون ذلك الظهور الآخر أقوى.

ومثاله : أن يرد «لا يجب إكرام الفقراء» ، ويرد «أكرم الفقير القانع» فإنّ تخصيص العامّ يتوقّف على مجموع ظهورين في الخاص : أحدهما الشمول لمورده ، والآخر كون صيغة الأمر فيه بمعنى الوجوب ، والأول وإن كان أقوى من ظهور العامّ في العموم ولكن قد لا يكون الثاني كذلك.

والصحيح : أنّ الأخّصية بنفسها ملاك للقرينية عرفاً ، بدليل أنّ أيَّ خاصٍّ نفترضه لو تصوّرناه متّصلاً بالعامّ لهدم ظهوره التصديقي من الأساس ، وهذا كاشف عن القرينية ، كما تقدم (١).

وهذا لا ينافي التسليم أيضاً بأنّ الأظهر إذا كانت أظهريّته واضحةً عرفاً يعتبر قرينةً أيضاً ، وفي حالة تعارضه مع الظاهر يجمع بينهما عرفاً بتحكيم الأظهر على الظاهر وفقاً لنظرية الجمع العرفي العامّة.

[نظريّة انقلاب النسبة :]

ثمّ إنّ المراد بالأخصّية التي هي ملاك القرينية : الأخصّية عند المقارنة بين مفادي الدليلين في مرحلة الدلالة والإفادة ، لا الأخصّية عند المقارنة بين

__________________

(١) في النظرية العامّة للجمع العرفي.

۶۰۸۷