٤ ـ الاستصحاب في الموضوعات المركّبة :

إذا كان الموضوع للحكم الشرعي بسيطاً وتمّت فيه أركان الاستصحاب جرى استصحابه بلا إشكال. وأمّا إذا كان الموضوع مركّباً من عناصر متعدّدةٍ : فتارةً نفترض أنّ هذه العناصر لوحظت بنحو التقيّد ، أو انتزع منها عنوان بسيط وجعل موضوعاً للحكم ، كعنوان «المجموع» ، أو «اقتران هذا بذاك» ، ونحو ذلك. واخرى نفترض أنّ هذه العناصر بذواتها اخذت موضوعاً للحكم الشرعي بدون أن يدخل في الموضوع أيّ عنوانٍ انتزاعيٍّ من ذلك القبيل.

ففي الحالة الاولى لا مجال لإجراء الاستصحاب في ذوات الأجزاء ، لأنّه إن اريد به إثبات الحكم مباشرةً فهو متعذّر ؛ لترتّبه على العنوان البسيط المتحصّل.

وإن اريد به إثبات الحكم بإثبات ذلك العنوان المتحصّل فهو غير ممكن ؛ لأنّ عنوان الاجتماع والاقتران ونحوه لازم عقليّ لثبوت ذوات الأجزاء فلا يثبت باستصحابها. فالاستصحاب في هذه الحالة يجري في نفس العنوان البسيط المتحصّل ، فمتى شكّ في حصوله جرى استصحاب عدمه ؛ حتّى ولو كان أحد الجزءين محرزاً وجداناً والآخر معلوم الثبوت سابقاً ومشكوك البقاء فعلاً.

وأمّا في الحالة الثانية فلا بأس بجريان الاستصحاب في الجزء ثبوتاً أو عدماً إذا تواجد فيه اليقين بالحالة السابقة والشكّ في بقائها.

ومن هنا يعلم بأنّ الاستصحاب يجري في أجزاء الموضوع المركّب وعناصره بشرط ترتّب الحكم على ذوات الأجزاء أوّلاً ، وتوفّر اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء ثانياً.

هذا على نحو الإجمال. وأمّا تحقيق المسألة على وجهٍ كاملٍ فبالبحث في ثلاث نقاط :

إحداها : في أصل هذه الكبرى القائلة بجريان الاستصحاب في أجزاء

۶۰۸۷