المنزَّل إسراءً واقعياً أو ظاهرياً تبعاً لواقعية التنزيل أو ظاهريّته وإناطته بالشكّ ، وعليه فإطلاق التنزيل في دليل الاستصحاب يقتضي ثبوت جميع الآثار الشرعية للمستصحَب بالاستصحاب.

فإن قيل : هذا يصحّ بالنسبة إلى الأثر الشرعي المترتّب على المستصحب مباشرةً ، ولا يبرِّر ثبوت الأثر الشرعيّ المترتّب على ذلك الأثر المباشر ؛ وذلك لأنّ الأثر المباشر لم يثبت حقيقةً لكي يتبعه أثره ؛ لأنّ التنزيل ظاهريّ لا واقعي ، وإنّما ثبت الأثر المباشر تنزيلاً وتعبّداً فكيف يثبت أثره؟

كان الجواب : أنّه يثبت بالتنزيل أيضاً ، إذ ما دام إثبات الأثر المباشر كان إثباتاً تنزيلياً فمرجعه إلى تنزيله منزلة الأثر المباشر الواقعي ، وهذا يستتبع ثبوت الأثر الشرعي الثاني تنزيلاً ، وهكذا.

وأمّا على الثاني فقد يستشكل بأ نّه لا تنزيل في ناحية المستصحَب على هذا التقدير ، وإنمّا التنزيل والتعبّد في نفس اليقين ، وغاية ما يقتضيه كون اليقين بالحالة السابقة باقياً تعبّداً بلحاظ كاشفيته. ومن الواضح أنّ اليقين بشيءٍ إنمّا يكون طريقاً إلى متعلّقه ، لا إلى آثار متعلّقه ، وإنمّا يقع في صراط توليد اليقين بتلك الآثار ، واليقين المتولِّد هو الذي له طريقية إلى تلك الآثار ، وما دامت طريقية كلِّ يقينٍ تختصّ بمتعلّقه فكذلك منجّزيته ومحرّكيته. وعليه فالتعبّد ببقاء اليقين بالحالة السابقة إنمّا يقتضي توفير المنجِّز والمحرّك بالنسبة إلى الحالة السابقة ، لا بالنسبة إلى آثارها الشرعية.

فإن قيل : أليس من يكون على يقينٍ من شيءٍ يكون على يقينٍ من آثاره أيضاً؟!

كان الجواب : أنّ اليقين التكويني بشيءٍ يلزم منه اليقين التكويني بما يعرفه الشخص من آثاره ، وأمّا اليقين التعبّدي بشيءٍ فلا يلزم منه اليقين التعبّدي بآثاره ؛

۶۰۸۷