على أيِّ حال ، بل هو يعلم إمّا بصحة ما أتى به ، أو بوجوب القضاء عليه ، ومرجع هذا إلى الشكّ في وجوبٍ استقلاليٍّ جديدٍ وهو وجوب القضاء ، فتجري البراءة عنه حتى لو منعنا من البراءة في موارد دوران الواجب بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين.

وأمّا في الحالة الثانية فالتكليف فعليّ في الوقت ، غير أنّه متعلّق إمّا بالجامع الشامل للصلاة الناقصة الصادرة حال النسيان ، أو بالصلاة التامّة فقط. والأول معناه اختصاص جزئية المنسيّ بغير حال النسيان ، والثاني معناه إطلاق الجزئية لحال النسيان ، والدوران بين وجوب الجامع ووجوب الصلاة التامة تعييناً هو من أنحاء الدوران بين الأقلّ والأكثر ، ويمثِّل الجامع فيه الأقلّ ، وتمثِّل الصلاة التامة الأكثر ، وتجري البراءة وفقاً للدوران المذكور.

ولكن قد يقال ـ كما في إفادات الشيخ الأنصاري (١) وغيره ـ بأنّ هذا إنمّا يصحّ فيما إذا كان بالإمكان أن يكلَّف الناسي بالأقلّ ، فإنّه يدور عنده أمر الواجب حينئذٍ بين الأقلّ والأكثر ، ولكنّ هذا غير ممكن ؛ لأنّ التكليف بالأقلّ إن خُصِّص بالناسي فهو محال ؛ لأنّ الناسي لا يرى نفسه ناسياً ، فلا يمكن لخطابٍ موجّهٍ إلى الناسي أن يصل اليه. وإن جعل على المكلف عموماً شمل المتذكِّر أيضاً ، مع أنّ المتذكِّر لا يكفي منه الأقلّ بلا إشكال. وعليه فلا يمكن أن يكون الأقلّ واجباً في حقّ الناسي ، وإنّما المحتمل إجزاؤه عن الواجب ، فالواجب إذن في الأصل هو الأكثر ويشكّ في سقوطه بالأقلّ ، وفي مثل ذلك لا تجري البراءة.

والجواب : أنّ التكليف بالجامع يمكن جعله وتوجيهه إلى طبيعيّ المكلف ، ولا يلزم منه جواز اقتصار المتذكّر على الأقلّ ؛ لأنّه جامع بين الصلاة الناقصة

__________________

(١) راجع فرائد الاصول ٢ : ٣٦٣ ، وكفاية الاصول : ٤١٨.

۶۰۸۷