عمّا إذا كان المعلوم جزء الموضوع للتكليف دون جزئه الآخر ، فإنّه في مثل ذلك لا علم بتكليفٍ فعليٍّ ولو في زمان. فالجامع بين تكليفٍ في هذا الآن وتكليفٍ يصبح فعلياً في آنٍ متأخِّرٍ لا يقصر ـ عقلاً ـ وصوله عن وصول الجامع بين تكليفين كلاهما في هذا الآن ؛ لأنّ مولوية المولى لا تختصّ بهذا الآن ، كما هو واضح.

وأمّا الركن الثالث بصيغته الاولى فلأنّ الأصل المؤمِّن الذي يراد إجراؤه عن الطرف الفعلي يعارض (١) بالأصل الجاري في الطرف الآخر المتأخِّر في ظرفه ، إذ ليس التعارض بين أصلين من قبيل التضادِّ بين لونَين يشترط في حصوله وحدة الزمان ، بل مردّه إلى العلم بعدم إمكان شمول دليل الأصل لكلٍّ من الطرفين بالنحو المناسب له من الشمول زماناً ، وحيث لا مرجِّح للأخذ بدليل الأصل في طرفٍ دون طرفٍ فيتعارض الأصلان.

وأمّا الصيغة الثانية للركن الثالث فلأنّ المقصود من كون العلم الإجمالي صالحاً لمنجِّزية معلومه على كلّ تقديرٍ : كونه صالحاً لذلك ولو على امتداد الزمان ، لا في خصوص هذا الآن.

وهكذا يتّضح أنّ الشبهات التي حامت حول تنجيز العلم الإجمالي في التدريجيّات موهونة جدّاً ، غير أنّ جماعةً من الاصوليّين وقعوا تحت تأثيرها.

فذهب بعضهم (٢) إلى عدم التنجيز ورخّص في ارتكاب الطرف الفعلي ما دام الطرف الآخر متأخِّراً.

__________________

(١) كلمة (يعارض) ساقطة في الطبعة الاولى ، ولكنّها موجودة في النسخة الخطيّة الواصلةإلينا.

(٢) منهم الشيخ الأنصاري في فرائد الاصول ٢ : ٢٤٨ ـ ٢٤٩.

۶۰۸۷