وهذا هو البيان الصحيح للركن الرابع ، وهو يثبت عدم وجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة ، ولا يرد عليه النقض.

وهكذا نخرج بتقريبين لعدم وجوب الاحتياط في أطراف الشبهة غير المحصورة ، غير أنّهما يختلفان في بعض الجهات ، فالتقريب الأوّل ـ مثلاً ـ يتمّ حتّى في الشبهة التي لا يوجد في موردها أصل مؤمِّن ؛ لأنّ التأمين فيه مستند إلى الاطمئنان ، لا إلى الأصل ، بخلاف التقريب الثاني ، كما هو واضح.

٨ ـ إذا كان ارتكاب الواقعة في أحد الطرفين غير مقدور :

قد يفرض أنّ ارتكاب الواقعة غير مقدورٍ ويعلم إجمالاً بحرمتها أو حرمة واقعةٍ اخرى مقدورة ، وفي مثل ذلك لا يكون العلم الإجمالي منجِّزاً.

وتفصيل الكلام في ذلك : أنّ القدرة تارةً تنتفي عقلاً ، كما إذا كان المكلف عاجزاً عن الارتكاب حقيقةً ، واخرى تنتفي عرفاً ، بمعنى أنّ الارتكاب فيه من العنايات المخالفة للطبع والمتضمّنة للمشقّة ما يضمن انصراف المكلف عنه ، ويجعله بحكم العاجز عنه عرفاً وإن لم يكن عاجزاً حقيقةً ، كاستعمال كأسٍ من حليبٍ في بلدٍ لا يصل اليه عادة ، ويسمّى هذا العجز العرفي بالخروج عن محلّ الابتلاء.

فإن حصل علم إجمالي بنجاسة أحد مائعين ـ مثلاً ـ وكان أحدهما ممّا لا يقدر المكلف عقلاً على الوصول اليه فالعلم الإجمالي غير منجِّز. ويقال في تقريب ذلك عادةً : إنّ الركن الأول منتفٍ ؛ لعدم وجود العلم بجامع التكليف ؛ لأنّ النجس إذا كان هو المائع الذي لا يقدر المكلف على ارتكابه فليس موضوعاً للتكليف الفعلي ؛ لأنّ التكليف الفعلي مشروط بالقدرة ، فلا علمَ إجماليٌّ بالتكليف الفعلي إذن.

۶۰۸۷