ويجب أن نفترض عامل الكثرة فقط وما قد ينجم عنه من تأثيرٍ في إسقاط العلم الإجمالي عن المنجّزية ، دون أن نُدخِل في الحساب ما قد يقارن افتراض الكثرة من امورٍ اخرى ، كخروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء.

وعلى هذا الأساس يمكن أنّ نُقرِّب عدم وجوب الموافقة القطعية وجواز اقتحام بعض الأطراف بتقريبين :

التقريب الأول : أنّ هذا الاقتحام مستند الى المؤمِّن ، وهو الاطمئنان بعدم انطباق المعلوم بالإجمال على الطرف المقتحَم ، إذ كلّما زادت أطراف العلم الإجمالي تضاءلت القيمة الاحتمالية للانطباق في كلّ طرفٍ حتّى تصل الى درجةٍ يوجد على خلافها اطمئنان فعلي.

وقد استشكل المحقّق العراقي (١) وغيره باستشكالين على هذا التقريب :

أحدهما : محاولة البرهنة على عدم وجوب اطمئنانٍ فعليٍّ بهذا النحو ؛ لأنّ الأطراف كلّها متساوية في استحقاقها لهذا الاطمئنان الفعلي بعدم الانطباق ، ولو وجدت اطمئنانات فعلية بهذا النحو في كلّ الأطراف لكان ذلك مناقضاً للعلم الإجمالي بوجود النجس ـ مثلاً ـ في بعضها ؛ لأنّ السالبة الكلّية التي تتحصّل من مجموع الاطمئنانات مناقضة للموجبة الجزئية التي يكشفها العلم الإجمالي.

والجواب على ذلك : أنّ الاطمئنانات المذكورة إذا أدّت بمجموعها إلى الاطمئنان الفعلي بالسالبة الكلّية فالمناقضة واضحة ، ولكنّ الصحيح أنّها لا تؤدّي الى ذلك ، فلا مناقضة.

وقد تقول : كيف لا تؤدّي الى ذلك؟ أليس الاطمئنان ب «ألف» والاطمئنان ب «باء» يؤدّيان حتماً الى الاطمئنان بمجموع «الألف والباء»؟! وكقاعدةٍ عامّةٍ

__________________

(١) مقالات الاصول ٢ : ٢٤٢.

۶۰۸۷