كما هو ظاهر المحقّق الخراساني (١) رحمه‌الله. وبرهان ذلك يتكوَّن ممّا يلي :

أولاً : أنّ العلم الإجمالي بالتكليف علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعية.

ثانياً : أنّ المعلول هنا ساقط.

ثالثاً : يستحيل سقوط المعلول بدون سقوط العلّة.

فينتج : أنّه لابدّ من الالتزام بسقوط العلم الإجمالي بالتكليف ، وذلك بارتفاع التكليف ، فلا تكليف مع الاضطرار المفروض ، وبعد ارتفاعه وإن كان التكليف محتملاً في الطرف الآخر ولكنّه حينئذٍ احتمال بدويّ مؤمَّن عنه بالأصل.

والجواب عن ذلك :

أولاً : بمنع علِّية العلم الإجمالي بالتكليف لوجوب الموافقة القطعية.

ثانياً : بأنّ ارتفاع وجوب الموافقة القطعية الناشئ من العجز والاضطرار لا ينافي العلّية المذكورة ؛ لأنّ المقصود منها عدم إمكان جعل الشكّ مؤمِّناً ؛ لأنّ الوصول بالعلم تامّ ، ولا ينافي ذلك وجود مؤمِّنٍ آخر وهو العجز ، كما هو المفروض في حالة الاضطرار.

ثالثاً : لو سلَّمنا فقرات البرهان الثلاث فهي إنّما تُنتج لزوم التصرّف في التكليف المعلوم على نحوٍ لا يكون الترخيص في تناول أحد الطعامين لدفع الاضطرار إذناً في ترك الموافقة القطعية له ، وذلك يحصل برفع اليد عن إطلاق التكليف لحالةٍ واحدة ، وهي حالة تناول الطعام المحرَّم وحده من قبل المكلف المضطرِّ مع ثبوته في حالة تناول كلا الطعامين معاً ، فمع هذا الافتراض إذا تناول المكلف المضطرّ العالم إجمالاً أحد الطعامين فقط لم يكن قد ارتكب مخالفةً احتماليةً على الإطلاق ، واذا تناول كلا الطعامين فقد ارتكب مخالفةً قطعيةً

__________________

(١) كفاية الاصول : ٤٠٩.

۶۰۸۷