وإن كان إطلاق التكليف بالنسبة اليه بدلياً لم تجرِ البراءة ، كما اذا ورد «أكرم فقيراً» وشُكّ في أنّ زيداً فقير فلا يجوز الاكتفاء بإكرامه ؛ لأنّ الشكّ المذكور لا يستبطن الشكّ في تكليفٍ زائد ، بل في سعة دائرة البدائل الممكن امتثال التكليف المعلوم ضمنها.

[وأمّا إذا كان الشكّ في قيود التكليف فتجري فيه البراءة لأنّ مردّه إلى الشكّ في فعليّة التكليف] (١).

وعلى هذا الضوء يعرف أنّ لجريان البراءة إذن ميزانان :

أحدهما : أن يكون المشكوك من قيود التكليف الدخيلة في فعليته.

والآخر : أن يكون إطلاق التكليف بالنسبة اليه شمولياً لا بدلياً.

فإن قيل : إنّ مردّ الشكّ في الموضوع الخارجي إلى الشكّ في قيد التكليف ؛ لأنّ الموضوع قيد فيه ؛ فحرمة شرب الخمر مقيّدة بوجود الخمر خارجاً ، فمع الشكّ في خمرية المائع يشكّ في فعلية التكليف المقيّد وتجري البراءة. وبهذا يمكن الاقتصار على الميزان الأول فقط ، كما يظهر من كلمات المحقّق النائيني قدّس الله روحه (٢).

كان الجواب : أنّه ليس من الضروري دائماً أن يكون متعلَّق المتعلَّق

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لم يرد في الطبعة الاولى ولا في النسخة الخطّية الواصلة إلينا ، وإنّما هو مضمون عبارة كتبها المؤلّف قدس‌سره في حياته على نسخة معيّنة من تلك الطبعة بحضور أحد تلامذته الفضلاء على أمل إضافتها في الطبعات القادمة. إلاّأ نّه مع شديد الأسف قد فقدت تلك النسخة ـ ضمن ما فقد بظلم الظالمين ـ وقد تفضّل هذا التلميذ الوفيّ بصبّ ذلك المضمون بهذه العبارة عسى أن تكون وافيةً بمراد السيّد الشهيد رحمه‌الله.

(٢) فوائد الاصول ٣ : ٣٩١ ـ ٣٩٤.

۶۰۸۷