سيشمل الحرام الواقعيّ والمباح الواقعيّ أيضاً إذا كان محتمل الحرمة للمكلّف ، وفي حالة شموله للمباح الواقعيّ لا يكون منافياً لإباحته ؛ لأنّه ـ كما قلنا ـ لم ينشأ عن مبغوضية نفس متعلّقه ، بل عن مبغوضية المحرّمات الواقعية والحرص على ضمان اجتنابها.

وأمّا إذا كانت الإباحة الواقعية ذات ملاكٍ اقتضائيٍّ ، فهي تدعو ـ خلافاً للحرمة ـ إلى الترخيص في كلّ ما يحتمل إباحته ، لالأنّ كلّ ما يحتمل إباحته ففيه ملاك الإباحة ، بل لضمان إطلاق العنان في المباحات الواقعية الموجودة ضمن محتملات الإباحة ، فهو ترخيص ظاهريّ ناشئ عن الملاك الاقتضائيّ للمباحات الواقعية والحرص على تحقيقه.

وفي هذه الحالة يَزِنُ المولى درجة اهتمامه بمحرّماته ومباحاته ، فإن كان الملاك الاقتضائيّ في الإباحة أقوى وأهمّ رخّص في المحتملات ، وهذا الترخيص سيشمل المباح الواقعيّ والحرام الواقعيّ إذا كان محتمل الإباحة ، وفي حالة شموله للحرام الواقعيّ لا يكون منافياً لحرمته ؛ لأنّه لم ينشأ عن ملاكٍ للإباحة في نفس متعلّقه ، بل عن ملاك الإباحة في المباحات الواقعية والحرص على ضمان ذلك الملاك. وإذا كان ملاك المحرّمات الواقعية أهمّ منع من الإقدام في المحتملات ضماناً للمحافظة على الأهمّ.

وهكذا يتّضح أنّ الأحكام الظاهريّة خطابات تعيّن الأهمّ من الملاكات والمبادئ الواقعية حين يتطلّب كلّ نوعٍ منها الحفاظ عليه بنحوٍ ينافي ما يضمن به الحفاظ على النوع الآخر.

وبهذا اتّضح الجواب على الاعتراض الثاني ، وهو : أنّ الحكم الظاهريّ يؤدّي إلى تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة ، فإنّ الحكم الظاهريّ وإن كان قد يسبِّب ذلك ، ولكنّه إنّما يسبّبه من أجل الحفاظ على غرضٍ أهمّ.

۶۰۸۷