المحرَّم من المقدمة ، غير أنّه لمّا كان منشأ هذا الاضطرار أساساً سوء الاختيار فيسقط الخطاب على القول المشهور دون العقاب ، وينتج عن ذلك : أنّ الخطابات كلّها ساقطة فعلاً ، وأنّ روحها بما تستتبعه من إدانةٍ ومسؤوليةٍ ثابت.

وفي كلّ حالةٍ يثبت فيها امتناع اجتماع الأمر والنهي لايختلف الحال في ذلك بين الأمر والنهي النفسيّين ، أو الغيريّين ، أو الغيريّ مع النفسيّ ؛ لأنّ ملاك الامتناع مشترك ، فكما لا يمكن أن يكون شيء واحد محبوباً ومبغوضاً لنفسه ، كذلك لا يمكن أن يكون محبوباً لغيره ومبغوضاً لنفسه مثلاً ؛ لأنّ الحبّ والبغض متنافيان بسائر أنحائهما ، ونحن وإن كنّا ذهبنا إلى إنكار الوجوب الغيري في مرحلة الجعل والحكم ولكنّا اعترفنا به في مرحلة المبادئ ، وهذا كافٍ في تحقيق ملاك الامتناع ؛ لأنّ نكتة الامتناع تنشأ من ناحية المبادئ وليست قائمةً بالوجود الجعلي للحكمين.

[ثمرة البحث في اجتماع الأمر والنهي :]

وأمّا ثمرة البحث في مسألة الاجتماع فهي : أنّه على الامتناع يدخل الدليلان المتكفِّلان للأمر والنهي في باب التعارض ، ويقدّم دليل النهي على دليل الأمر ؛ لأنّ دليل النهي إطلاقه شمولي ، ودليل الأمر إطلاقه بدلي ، والإطلاق الشمولي أقوى.

وأمّا على القول بالجواز فلا تعارض بين الدليلين ، وحينئذٍ فإن لم ينحصر امتثال الواجب بالفعل المشتمل على الحرام وكانت للمكلف مندوحة في مقام الامتثال فلا تزاحم أيضاً ، وإلاّ وقع التزاحم بين الواجب والحرام.

وأمّا صحة امتثال الواجب بالفعل المشتمل على الحرام فترتبط بما ذكرنا من التعارض والتزاحم ، بأن يقال : إنّه إذا بُني على التعارض بين الدليلين وقدِّم

۶۰۸۷