وذلك لأنّ استحقاق العقاب على مخالفة الواجب إنّما هو بلحاظ ما يعبِّر عنه الواجب من مبادئ وملاكاتٍ تفوت بذلك ، ومن الواضح أنّ الواجب الغيري ليس له مبادئ وملاكات سوى ماللواجب النفسي من ملاك ، فلا معنى لتعدّد استحقاق العقاب.

ورابعاً : أنّ الوجوب الغيري ملاكه المقدّميّة ، وهذا يفرض تعلّقه بواقع المقدمة دون أن يؤخذ فيه أيّ شيءٍ إضافيٍّ لا دخل له في حصول ذي المقدمة.

ومن هنا كان قصد التوصّل بالمقدمة إلى امتثال المولى والتقرّب بها نحوه تعالى خارجاً عن دائرة الواجب الغيري ؛ لعدم دخل ذلك في حصول الواجب النفسي.

فطيّ المسافة إلى الميقات كيفما وقع وبأيّ داعٍ اتّفق يحقِّق الواجب الغيري ، ولا يتوقّف الحجّ على وقوع هذا الطيّ بقصدٍ قربي. وهذا معنى ما يقال من أنّ الواجبات الغيرية توصّلية.

مقدمات غير الواجب :

كما تتّصف مقدمات الواجب بالوجوب الغيري عند القائلين بالملازمة ، كذلك تتّصف مقدمات المستحبّ بالاستحباب الغيري لنفس السبب. وأمّا مقدمات الحرام فهي على قسمين :

أحدهما : مالا ينفكّ عنه الحرام ، ويعتبر بمثابة العلّة التامة أو الجزء الأخير من العلّة التامة له ، كإلقاء الورقة في النار الذي يترتّب عليه الاحتراق.

والقسم الآخر : ما ينفكّ عنه الحرام ، وبالإمكان أن يوجد ومع هذا يترك الحرام.

فالقسم الأول من المقدمات يتّصف بالحرمة الغيرية ، دون القسم الثاني ؛ لأنّ المطلوب في المحرّمات ترك الحرام وهو يتوقّف على ترك القسم الأول من

۶۰۸۷