وخلافاً لذلك الوضوء فإنّه وجب من أجل الصلاة الواجبة ، فينطبق عليه تعريف الواجب الغيري.

خصائص الوجوب الغيري :

ولا شكّ لدى الجميع في أنّ الوجوب الغيري للمقدمة ـ إذا كان ثابتاً ـ فهو لا يتمتّع بجملةٍ من خصائص الوجوب النفسي ، ويمكن تلخيص أحوال الوجوب الغيري في ما يلي :

أولاً : أنّه ليس صالحاً للتحريك المولوي بصورةٍ مستقلّةٍ ومنفصلةٍ عن الوجوب النفسي ، بمعنى أنّ من لا يكون بصدد التحرّك عن الوجوب النفسي للحجّ لا يمكن أن يتحرّك بروحية الطاعة والإخلاص للمولى عن الوجوب الغيري لطيِ المسافة ؛ لأنّ إرادة العبد المنقاد التكوينية يجب أن تتطابق مع إرادة المولى التشريعية ، ولمَّا كانت إرادة المولى للمقدمة في إطار مطلوبية ذيها ومن أجل التوصّل إليه ، فلا بدّ أن تكون إرادة العبد المنقاد لها في إطار امتثال ذيها.

وثانياً : أنّ امتثال الوجوب الغيري لا يستتبع ثواباً بما هو امتثال له ؛ وذلك لأنّ المكلّف إن أتى بالمقدمة بداعي امتثال الواجب النفسي كان عمله بدايةً في امتثال الوجوب النفسي ، ويستحقّ الثواب عندئذٍ من قبل هذا الوجوب. وإن أتى بالمقدمة وهو منصرفٌ عن امتثال الواجب النفسي فلن يكون بإمكانه أن يقصد بذلك امتثال الوجوب الغيري ؛ لِمَا تقدّم من عدم صلاحية الوجوب الغيري للتحريك المولوي.

وثالثاً : أنّ مخالفة الوجوب الغيري بترك المقدمة ليست موضوعاً مستقلًّا لاستحقاق العقاب إضافةً إلى مايستحقّ من عقابٍ على مخالفة الوجوب النفسي ؛

۶۰۸۷