الجنب يتوقّف على الاغتسال قبل طلوع الفجر. ولا شكّ في أنّ المكلّف مسؤول عن طَيِّ المسافة من قِبل وجوب الحجّ ، وعن الاغتسال قبل الطلوع من قِبل وجوب الصيام. ومن هنا وقع البحث في تفسير ذلك ، وفي تحديد الضوابط التي يلزم المكلّف فيها بإيجاد المقدمات المفوِّتة.

وقد ذُكرت في المقام عدّة تفسيرات :

التفسير الأول : إنكار الوجوب المشروط رأساً ، وافتراض أنّ كلَّ وجوبٍ فعليٌّ قبل تحقّق الشروط والقيود المحدِّدة له في لسان الدليل. وإِذا كان فعلياً كذلك فتبدأ محرّكيته نحو مقدمات الواجب قبل مجيء ظرف الواجب. ومن هنا كان امتناع الوجوب المشروط يعني من الناحية العملية إلزام المكلّف بالمقدمات المفوِّتة للواجب من قبل ذلك الوجوب.

وهذه هي ثمرة البحث في إمكان الوجوب المشروط وامتناعه. وقد تقدم (١) أنّ الصحيح : إمكان الوجوب المشروط ـ خلافاً لِمَا في تقريرات الشيخ الأنصاري (٢) الذي تقدّم ـ بالتفسير المذكور.

التفسير الثاني : وهو يعترف بإمكان الوجوب المشروط ، ولكن يقول بإمكان الوجوب المعلق أيضاً ، ويفترض أنّه في كلّ موردٍ يقوم فيه الدليل على لزوم المقدمة المفوِّتة من قبل وجوب ذيها نستكشف أنّ الوجوب معلَّق ؛ أي أنّه سابق على زمان الواجب. وفي كلّ موردٍ يقوم فيه الدليل على أنّ الوجوب معلَّق نحكم فيه بمسؤولية المكلّف تجاه المقدمات المفوِّتة ، وهذه هي ثمرة البحث عن إمكان الواجب المعلّق وامتناعه.

__________________

(١) تحت عنوان : قاعدة إمكان الوجوب المشروط.

(٢) مطارح الأنظار : ٤٩.

۶۰۸۷