ولكن قد يقال ـ كما عن السيّد الاستاذ (١) ـ : إنّه لا ثمرة عملية يختلف بموجبها الاحتمالان الأوّلَان ؛ لأنّهما معاً يسوِّغان الفتوى بالاستحباب ، ولا فرق بينهما في الآثار.

ولكنّ التحقيق : وجود ثمراتٍ عمليةٍ يختلف بموجبها الاحتمال الأول عن الاحتمال الثاني ، خلافاً لِمَا أفاده ـ دام ظلّه ـ ونذكر في ما يلي جملةً من الثمرات :

الثمرة الاولى : أن يدلّ خبر ضعيف على استحباب فعلٍ وخبر ثقةٍ على نفي استحبابه ، فإذا بني على الاحتمال الأول وقع التعارض بين الخبرين ؛ لحجّية كلٍّ منهما ـ بحسب الفرض ـ ونظرهما معاً إلى حكمٍ واقعيٍّ واحدٍ إثباتاً ونفياً. وإذا بني على الاحتمال الثاني فلا تعارض ؛ لأنّ الخبر الضعيف الحاكي عن الاستحباب لا يثبت مؤدّاه ليعارض الخبر النافي له ، بل هو بنفسه يكون موضوعاً لاستحبابٍ واقعيٍّ مترتّبٍ على عنوان البلوغ ، والبلوغ محقَّق ، وكونه معارضاً لا ينافي صدق عنوان البلوغ ، فيثبت الاستحباب.

الثمرة الثانية : أن يدلّ خبر ضعيف على وجوب شيء ، فعلى الاحتمال الثاني لا شكّ في ثبوت الاستحباب ؛ لأنّه مصداق لبلوغ الثواب على عمل ، وأمّا على الاحتمال الأول فلا يثبت شيء ؛ لأنّ إثبات الوجوب بالخبر الضعيف متعذّر لعدم حجّيته في إثبات الأحكام الإلزامية ، وإثبات الاستحباب به متعذّر أيضاً لأنّه لا يدلّ عليه فكيف يكون طريقاً وحجّةً لإثبات غير مدلوله؟ وإثبات الجامع بين الوجوب والاستحباب به متعذِّر أيضاً ؛ لأنّه مدلول تحليليّ للخبر ، فلا يكون حجّة لإثباته عند من يرى ـ كالسيد الاستاذ (٢) ـ أنّ حجِّية الخبر في المدلول التحليليِ

__________________

(١) الدراسات في علم الاصول ٣ : ٣٠٢.

(٢) مصباح الاصول ٣ : ٣٦٨.

۶۰۸۷