والطرق التي تذكر عادةً لإثبات الدليل الشرعيّ وإحرازه وجداناً من التواتر والإجماع والسيرة كلّها من وسائل اليقين الموضوعيّ الاستقرائي ، كما سنرى إن شاء الله تعالى.

١ ـ التواتر

الخبر المتواتر من وسائل الإثبات الوجداني للدليل الشرعي ، وقد عُرِّف في المنطق : بأ نّه إخبار جماعةٍ كثيرين يمتنع تواطؤهم على الكذب. وبموجب هذا التعريف يمكن أن نستخلص أنّ المنطق يفترض أنّ القضية المتواترة مستنتَجة من مجموع مقدمتين :

إحداهما بمثابة الصغرى ، وهي تواجد عددٍ كبيرٍ من المخبِرين.

والاخرى بمثابة الكبرى ، وهي أنّ كلَّ عددٍ من هذا القبيل يمتنع تواطؤهم على الكذب.

وهذه الكبرى يفترض المنطق أنّها عقلية ومن القضايا الأولية في العقل ، ومن هنا عدّ المتواترات في القضايا الضرورية الستّ التي تنتهي اليها كلّ قضايا البرهان.

وهذا التفسير المنطقيّ للقضية المتواترة يشابه تماماً تفسير المنطق نفسه للقضية التجريبية التي هي إحدى تلك القضايا الستّ ، فإنّه يرى أنّ عِلِّية الحادثة الاولى للحادثة الثانية (التي ثبتت بالتجربة عن طريق اقتران الثانية بالاولى في عددٍ كبيرٍ من المرّات) مستنتَجة من مجموع مقدمتين :

إحداهما بمثابة الصغرى ، وهي اقتران الحادثة الثانية بالاولى في عددٍ كبيرٍ من المرّات.

۶۰۸۷