[القدر المتيقّن في مقام التخاطب :]

الثانية : إذا كان هناك قدر متيقّن في مقام التخاطب فهل يمنع عن دلالة الكلام على الإطلاق ، أوْ لا؟

وتوضيح ذلك : أنّ المطلق إذا صدر من المولى :

فتارةً : تكون حصصه متكافئةً في الاحتمال ، فيكون من الممكن اختصاص الحكم بهذه الحصّة دون تلك ، أو بالعكس ، أو شموله لهما معاً. وهذا معناه عدم وجود قدرٍ متيقّن ، وفي مثل ذلك تتمّ قرينة الحكمة بلا إشكال.

وثانيةً : تكون إحدى الحصّتين أولى بالحكم من الحصّة الاخرى ، غير أنّها أولوية عُلِمت من خارج ذلك الكلام الذي اشتمل على المطلق ، وهذا ما يسمّى بالقدر المتيقّن من الخارج ، والمعروف في مثل ذلك تمامية قرينة الحكمة أيضاً.

وثالثةً : يكون نفس الكلام صريحاً في تطبيق الحكم على إحدى الحصّتين ، كما إذا كانت هي مورد السؤال وجاء المطلق كجوابٍ على هذا السؤال ، من قبيل أن يسأل شخص من المولى عن إكرام الفقير العادل ، فيقول له : (أكرم الفقير) ، وهذا ما يسمّى بالقدر المتيقّن في مقام التخاطب.

وقد اختار صاحب الكفاية (١) رحمه‌الله أنّ هذا يمنع من دلالة الكلام على الإطلاق ، إذ في هذه الحالة قد يكون مراده مختصّاً بالقدر المتيقّن وهو الفقير العادل في المثال ؛ لأنّ كلامه وافٍ ببيان القدر المتيقّن فلا يلزم حينئذٍ أن يكون قد أراد ما لم يقله.

والجواب على ذلك : أنّ ظاهر حال المتكلّم ـ كما عرفت في كبرى قرينة الحكمة ـ أنّه في مقام بيان تمام الموضوع لحكمه الجدّيّ بالكلام ، فإذا كانت

__________________

(١) كفاية الاصول : ٢٨٧.

۶۰۸۷