وإنّما اختصّت الثلاث بالبعيد لأنّ المنادى البعيد والمنزّل بمنزلته يحتاج إلى تصويت أبلغ ممّا يحتاج إليه القريب والتصويت في هذه الثلاث أبلغ منه في الأخيرتين. وخصّت أي والهمزة للقريب كمن بين يديك لأنّ رفع الصوت في ندائه لا يكون مطلوباً وهما خاليتان عن رفع الصوت. وبعض يثلّث القسمة فيقول : يا أعمّ الحروف ويستعمل للبعيد والمتوسّط والقريب ، وأيا وهَيا للبعيد ، وأيْ والهمزة للقريب ، ووا للمندوب خاصّة وقد تقدّم معنى المندوب ، وإنّما ذكر المصنّف وافي حروف النداء لاشتراكهما في افادة التخصيص ، ولهذا ذكر المندوب في باب المنادى.

قال : حروف التصديق : نعم لتصديق الكلام المثبت والمنفي في الخبر والاستفهام كقولك لمن قال : قام زيدٌ أو لم يقم زيدٌ ، نعم ، وكذلك إذا قال : أقامَ زَيْد ؟ أو أَلَم يَقُمْ ؟ نعم.

أقول : سمّيت هذه الحروف حروف التصديق لأنّ المتكلّم بها يصدّق المخبر فيما أخبره وتسمّى حروف الإيجاب أيضاً.

قال : وبَلىٰ تختّص بالمنفي خبراً أو استفهاماً.

أقول : مثاله أن يقال : ما قام زيدٌ ، أو لم يقم ، فيقال : بَلىٰ أي بَلى قامَ زيدٌ ، ومثال الاستفهام قوله تعالى : «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ» (١) أي بَلىٰ أنْتَ رَبُّنا. وهاهنا لو قيل : نعم لكان كفراً إذ كان معناه لست بربّنا.

قال : وأجل وجير تختصّان بالخبر نفياً أو إثباتاً.

____________________________

(١) الأعراف : ١٧٢.

۶۳۲۱