ضربت زيداً وزيد ضَرَبَ.

أقول : لمّا كان الصنف الثالث من أصناف الاسم وهو المعرب على ثلاثة أقسام ، أعني مرفوعاً ومنصوباً ومجروراً ، وكان لكلّ قسم منها أفراد متعدّدة أراد المصنّف أن يذكر تلك الأفراد على وجه يقتضيه الوضع ، فقدّم المرفوعات على المنصوبات والمجرورات لأنّ المرفوعات أصل وهما فرعان إذ الكلام إنّما يتمّ بالمرفوع وحده دون المنصوب والمجرور ، فيقال : قام زيدٌ ، وزيدٌ قائم ، ولا يقال : زيداً ، أو بزيدٍ ، أو غلامُ زيدٍ.

والمرفوعات على ضربين : أصل ، وملحق به.

والأصل هو الفاعل لأنّ عامله فعل حقيقيّ غالباً وعامل باقي المرفوعات ليس كذلك ، والفعل الحقيقي أصل في العمل فمعموله أيضاً يكون أصلاً بالقياس إلى معمول غيره ، وإنّما جعل الفاعل مرفوعاً والمفعول منصوباً والمضاف إليه مجروراً لأنّ الرفع أعني الضم أثقل الحركات والفاعل أقلّ المعمولات فأعطى الثقيل القليل ، والنصب أعني الفتحة أخفّ الحركات والمفعول أكثر المعمولات فأعطى الخفيف الكثير ، فبقى الجرّ أعني الكسرة للمضاف إليه ، أو تقول الكسرة لمّا لم تبلغ مرتبة الضمّة في الثقل ، ولا مرتبة الفتحة في الخفّة والمضاف إليه لا يبلغ أيضاً مرتبة الفاعل في القلّة ولا مرتبة المفعول في الكثرة فتناسبا فأعطى الكسرة إيّاه ، والفاعل عند المصنّف اسم اُسند إليه ما تقدّمه من فعل أو شبهه وهو على نوعين :

مظهر ، كضَرَبَ زيد ، فإنّ زيداً اسم اُسند إليه فعل مقدّم عليه وهو ضَرَبَ.

ومضمر ، وهو على نوعين : بارز كضربتُ زيداً ، فإنّ التاء ضمير بارز اُسند إليه ضَرَبَ ، ومستتر كزيد ضَرَبَ ، فإنّ في ضَرَبَ ضميراً مستتراً اُسند إليه ضرب.

۶۳۲۱