فهو أولى بالتّأكيد أى الإستقبال ولا يتوهّم جواز الحاقهما بالمستقبل الصّرف نحو : سَيَضْرِبَنَّ وسوف يَضْرِبَنْ فانّهما لا تلحقان بالمستقبل الصّرف في السّعة إلّا بما فيه معنى الطّلب أو ما اشبهه وعليه جميع المحقّقين حيث قالوا : ولا تلحقان إلّا مستقبلاً فيه معنى الطّلب كالأمر والنهي والاستفهام والتّمنّي والعَرْض والقَسَم لكونه غالباً على ما هو المطلوب ويشبه بالقَسَم نحو : إمّا تَفْعَلَنَّ في أنَّ ما للتّأكيد كلام القسم ولانّه لمّا اكّد حرف الشّرط بما كان تأكيد الشّرط أولى وقد تلحق بالنّفي تشبيهاً له بالنّهي وهو قليل ومنه قول الشّاعر :

يَحْسَبُهُ الجاهِلُ ما لم يَعْلَما

شيخاً على كُرسيّهِ مُعَمَّما

أي ما لم يَعْلَمَنْ قلبت النّون الفاً للوقف ، قال الله تعالى : «لَنَسْفَعًا» (١) أصله لَنَسْفَعَنْ ، فإن قلت : لِمَ الحق بالمستقبل الصّرف فى قوله : رُبَما أوفيْتُ في عَلَمٍ تَرفَعَنْ ثَوْبيّ شَمالات ؟ قلت : لأنّه مشبّه بالنّفي من حيث انّ ربّما للقلّة والقلّة تناسب النّفي والعدم والنّفي مشبه بالنّهي وهو مع ذلك خلاف الأصل والقياس لا يعتدّ به.

وقال سيبويه : يجوز في الضّرورة اَنْتَ تَفْعَلَنْ ، وهاتان النّونان إحداهما [ خفيفة ساكنة ] كقولك : اذْهَبَنْ والاُخرى [ ثقيلة مفتوحة ] نحو : اِذْهَبَنَّ وفي بعض النّسخ بالنّصب أي حال كون إحداهما خفيفة ساكنة والاُخرى ثقيلة مفتوحة في جميع الاحوال [ إلّا فيما ] أي في الفعل الّذي [ تختصّ ] النّون [ الثقيلة به ] أي بذلك الفعل يعني من بين النّونين يختصّ الثّقيلة به أي بذلك الفعل أي تتفرّد بلحوق هذا الفعل كما يقال : نَخُصُّكَ بالعبادة أي لا نعبد غيرك ، وبهذا ظهر فساد ما قيل إنّه كان من حقّ العبارة أن يقول إلّا فى الفعل الّذي يختصّ بالثّقيلة أي لا يعمّ

____________________________

(١) العلق : ١٥.

۶۳۲۱