المطلوب ، فإن كون فعله تعالى واجبا ، يستلزم كونه تعالى موجبا بفتح الجيم ، أي واجبا عليه الفعل ممتنعا عليه الترك ، ولا معنى لعموم القدرة حينئذ.

قلت الوجوب كما تعلم منتزع من الوجود ، فكما أن وجود المعلول من ناحية العلة ، كذلك وجوبه بالغير من ناحيتها ، ومن المحال أن يعود الأثر المترتب على وجود الشيء ، مؤثرا في وجود مؤثرة ، فالإيجاب الجائي من ناحيته تعالى إلى فعله ، يستحيل أن يرجع فيوجب عليه تعالى فعله ، ويسلب عنه بذلك عموم القدرة وهي عين ذاته.

ويتبين بما تقدم ، أنه تعالى مختار بالذات ، إذ لا إجبار إلا من أمر وراء الفاعل ، يحمله على خلاف ما يقتضيه أو على ما لا يقتضيه ، وليس وراءه تعالى إلا فعله والفعل ملائم لفاعله ، فما فعله من فعل ، هو الذي تقتضيه ذاته ويختاره بنفسه.

الفصل السابع

في حياته تعالى

الحي عندنا هو الدراك الفعال ، فالحياة مبدأ الإدراك والفعل ، أي مبدأ العلم والقدرة ، أو أمر يلازمه العلم والقدرة ، وإذ كانت الحياة تحمل علينا ، والعلم والقدرة فينا زائدتان على الذات ، فحملها على ما كانتا فيه موجودتين ، للذات على نحو العينية ، كالذات الواجبة الوجود بالذات ، أولى وأحق فهو تعالى حياة وحي بالذات.

على أنه تعالى مفيض لحياة كل حي ، ومعطي الشيء غير فاقد له.

۱۸۴۱