إذا كان وجوديّا امتنع أن يكون زائدا على الواجب لما تقرّر فى محلّه من أنّ الوجوب متقدّم على الوجود ، ولو كان زائدا على تقدير كونه وجوديّا يجب أن يكون متأخّرا عن الوجود ، ضرورة انّ الصّفات الوجوديّة متأخّرة عن وجود الموصوف ، فيلزم الدّور على تقدير تعدّد الواجب لا يمكن أن يكون الوجوب عين شيء منهما وإلّا لم يكن مشتركا بينهما ، فتعيّن أن يكون جزءا مشتركا بينهما ، فيلزم التّركيب قطعا. وأمّا إذا كان الوجوب أمرا عدميّا غير موجود فى الخارج فلا يتمّ الكلام ، لجواز أن يكون الصّفات العدميّة متقدّمة على وجود الموصوف كالإمكان والاحتياج إلى المؤثّر فى الممكنات فلا يلزم التّركيب على هذا التّقدير ، وإلّا لزم التّركيب على تقدير التوحيد أيضا لاشتراك الممكنات فى كثير من الصّفات كالوجود المطلق والشّيئيّة والامكان العام.

وقد أشار صاحب الواقف إلى هذا البحث قال : هذا الوجه مبنىّ على أن الوجوب وجودىّ فان تمّ لهم ذلك تمّ الدّست. ونحن نقول لا يتمّ الدّليل على هذا التّقدير أيضا ، لجواز أن يكون الوجوب المطلق وجوديّا زائدا على الواجب ذهنا ومتّحدا معه خارجا ، والوجوب الخاص عينه ذهنا وخارجا كما هو مذهب الحكماء فى الوجوب والوجود وغيرهما من الصّفات. وعلى هذا قياس ساير الكليّات الطبيعيّة العرضيّة الموجودة فى ضمن أفراده كالكاتب والضّاحك وغيرهما ، وحينئذ لا يلزم الدّور لأنّ تقدّم الوجوب على الوجود إنّما هو على تقدير مغايرتهما للّذات كما هو مذهب جمهور المتكلّمين. وأمّا على تقدير اتّحادهما معه فلا تقدّم هناك قطعا مع أنّ هذا الدّليل من أدلة الحكماء ولهذا بنى على كون المميّز داخلا فى الهويّة كما هو رأيهم. وأمّا على رأى المتكلّمين فيجوز أن يكون المميّز خارجا عنهما ، حتّى أنّهم قالوا بأنّ للواجب ماهيّة كلّية ولا يلزم التّركيب ، لأنّ التّشخّص خارج عن هويّته فليتأمّل جدّا.

وفى بعض الشروح أنّه لا يجوز أن يكون الواجب على تقدير اشتراك الواجبين فيه زائدا عليهما ، وإلّا لزم احتياج كلّ منهما إلى أمر زائد منفصل عنه وهو محال. ولا يخفى انه كلام خال عن التحصيل. وأنت تعلم أنّ هذا الدّليل كما يدلّ على نفى الشّريك فى

۲۹۲