فعلوه كذلك لأنّ وصف المنادى بابن بين العلمين كثير في كلام العرب ، والفتحة خفيفة والكثرة تستدعي الخفّة فلذلك قيّد الوصف بابن بين العلمين فإنّ الوصف بغير ابن أو ابن غير واقع بين العلمين غير كثير في كلامهم وحكم ابنة كحكم ابن في ذلك نحو : يا هِنْدَ ابْنة زيد ، ويا هِنْدُ ابنة أخي ، ويا امرأةُ ابْنةَ زيد ، ويا امرأةُ ابْنَة أخي.

قال : وليس في يا أيّها الرجل إلّا الرفع.

أقول : لمّا ذكر جواز الرفع والنصب في صفة المنادى المفرد المعرفة إذا كانت مفردة أراد أن يذكر أنّ أيّا إذا وقع منادى يكون بخلاف ذلك فإنّ صفته وإن كانت مفردة لا يجوز فيها إلّا الرفع فلذلك قال : وليس في يا أيّها الرجل إلّا الرفع يعني في الرجل وذلك لأنّ المقصود بالنداء هاهنا هو الرجل إلّا أنّهم لمّا كرهوا الجمع بين حرفي التعريف أعني اللام وحرف النداء فأتوا بلفظة أيّ لتفصل بينهما وجعلوها منادى ثمّ حملوا الرجل عليها والتزموا رفعه ليدلّ على أنّه هو المقصود بالنداء.

قال : وقد يحذف حرف النداء عن العلم المضموم والمضاف كقوله تعالى : «يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا» (١) و «فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ» (٢).

أقول : لمّا ذكر المنادى أراد أن يشير إلى جواز حذف حرف النداء ثمّ مثّلَ بمثالين ، المثال الأوّل قوله تعالى : «يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا» والمثال الثاني قوله تعالى : «فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» فإنّ تقديرهما يا يوسف ويا فاطر السماوات وإنّما جاز الحذف منهما لأنّ العلم المضموم كثير

____________________________

(١) يوسف : ٢٩.

(٢) الفاطر : ١.

۵۶۷۴۴۱