وحاصلها أنّه لو وقعت نجاسة على أحد طرفي عباءة ، ولم يعلم أنّه الطرف الأعلى ، أو الأسفل ، ثمّ طهّر أحد الطرفين ـ وليكن الأسفل مثلا ـ ، فإنّ تلك النجاسة المعلومة الحدوث تصبح نفسها مشكوكة الارتفاع ، فينبغي أن يجري استصحابها ، بينما أنّ مقتضى جريان استصحاب النجاسة في هذه العباءة أن يحكم بنجاسة البدن ـ مثلا ـ الملاقي لطرفي العباءة معا. مع أنّ هذا اللازم باطل قطعا بالضرورة ؛ لأنّ ملاقي أحد طرفي الشبهة المحصورة محكوم عليه بالطهارة بالإجماع ـ كما تقدّم في محلّه ـ. وهنا لم يلاق البدن إلاّ أحد طرفي الشبهة وهو الطرف الأعلى.

وأمّا : الطرف الأسفل ـ وإن لاقاه ـ فإنّه قد خرج عن طرف الشبهة ـ حسب الفرض ـ بتطهيره يقينا ، فلا معنى للحكم بنجاسة ملاقيه.

والنكتة في الشبهة أنّ هذا الاستصحاب يبدو من باب استصحاب الكلّيّ من القسم الثاني ، ولا شكّ في أنّ مستصحب النجاسة لا بدّ أن يحكم بنجاسة ملاقيه ، بينما أنّه هنا لا يحكم بنجاسة الملاقي ، فيكشف ذلك عن عدم صحّة استصحاب الكلّيّ من القسم الثاني.

وقد استقرّ الجواب عند المحقّقين (١) عن هذه الشبهة على أنّ هذا الاستصحاب ليس من باب استصحاب الكلّيّ ، بل هو من نوع آخر سمّوه «استصحاب الفرد المردّد». وقد اتّفقوا على عدم صحّة جريانه ، عدا ما نقل عن بعض الأجلّة (٢) في حاشيته على كتاب البيع للشيخ الأعظم قدس‌سره ؛ إذ قال بما محصّله : «أنّ تردّده بحسب علمنا لا يضرّ بيقين وجوده سابقا ، والمفروض أنّ أثر القدر المشترك أثر لكلّ من الفردين ، فيمكن ترتيب ذلك الأثر باستصحاب الشخص الواقعيّ المعلوم سابقا ، كما في القسم الأوّل الذي حكم الشيخ قدس‌سره فيه باستصحاب كلّ من الكلّيّ وفرده (٣)».

أقول : ويجب أن يعلم ـ قبل كلّ شيء ـ الضابط لكون المورد من باب استصحاب الكلّيّ [من] القسم الثاني ، أو من باب استصحاب الفرد المردّد ، فإنّ عدم التفرقة بين

__________________

(١) ومنهم : المحقّق النائيني في فوائد الأصول ٤ : ٤٢١ ـ ٤٢٢.

(٢) وهو المحقّق السيّد محمد كاظم الطباطبائيّ اليزديّ.

(٣) حاشية المكاسب (لليزدي) : ٧٣.

۶۸۸۱