فلا بدّ من نفي كلّ من الفردين بالأصل ، حتى يكون ذلك موجبا لارتفاع القدر المشترك ، والأصلان معا لا يجريان مع فرض العلم الإجمالي.
وأمّا القسم الثالث : ـ وهو ما إذا كان الشكّ في بقاء الكلّيّ مستندا إلى احتمال وجود فرد ثان ، غير الفرد المعلوم حدوثه ثمّ ارتفاعه ـ فهو على نحوين :
١. أن يحتمل حدوث الفرد الثاني في ظرف وجود الأوّل.
٢. أن يحتمل حدوثه مقارنا لارتفاع الأوّل ، وهو على نحوين : إمّا بتبدّله إليه ، أو بمجرّد المقارنة الاتّفاقيّة بين الارتفاع الأوّل ، وحدوث الثاني.
وفي جريان الاستصحاب في هذا القسم الثالث من الكلّي احتمالات ، أو أقوال ثلاثة :
أ : جريانه مطلقا. (١)
ب : عدم جريانه مطلقا (٢).
ج : التفصيل بين النحوين المذكورين ، فيجري في الأوّل ، دون الثاني مطلقا. وهذا التفصيل هو الذي مال إليه الشيخ الأعظم قدسسره (٣).
والسرّ في الخلاف يعود إلى أنّ الأركان في الاستصحاب هل هي متوفّرة هنا ، أو غير متوفّرة؟ والمشكوك توفّره في المقام هو الركن الخامس ، وهو اتّحاد متعلّق اليقين والشكّ.
ولا شكّ في أنّ الكلّيّ المتيقّن نفسه هو المشكوك بقاؤه في هذا القسم ، فهو واحد نوعا ، فينبغي أن يسأل :
أوّلا : هل هذه الوحدة النوعيّة بين المتيقّن والمشكوك كافية في تحقّق الوحدة المعتبرة في الاستصحاب ، أو غير كافية ، بل لا بدّ له من وحدة خارجيّة؟
ثانيا : بعد فرض عدم كفاية الوحدة النوعيّة ، هل أنّ الكلّيّ الطبيعيّ له وحدة خارجيّة بوجود أفراده ـ بمعنى أنّه يكون بوحدته الخارجيّة معروضا لتعيّنات أفراده المتباينة ؛ بناء
__________________
(١) وهذا يظهر من المحقّق الحائريّ في درر الفوائد ٢ : ١٧٥ ، والمحقّق الإيروانيّ في نهاية النهاية ٢ : ١٩٤ ـ ١٩٥.
(٢) ذهب إليه المحقّق الخراساني في الكفاية : ٤٦٢.
(٣) فرائد الأصول ٢ : ٦٤٠.