أركانه لا بدّ من ذكر ما قيل : إنّه مانع من جريانه ، والجواب عنه. وقد أشار الشيخ قدس‌سره إلى الوجهين في المنع ، وأجاب عنهما ، وهما كلّ ما يمكن أن يقال في المنع :

الأوّل : قال : «وتوهّم عدم جريان الأصل في القدر المشترك من حيث دورانه بين ما هو مقطوع الانتفاء وما هو مشكوك الحدوث وهو محكوم الانتفاء بحكم الأصل». (١)

توضيح التوهّم أنّ أهمّ أركان الاستصحاب هو اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء ، وفي المقام إن حصل الركن الأوّل ـ وهو اليقين بالحدوث ـ فإنّ الركن الثاني ـ وهو الشكّ في البقاء ـ غير حاصل. وجه ذلك أنّ الكلّيّ لا وجود له إلاّ بوجود أفراده ، ومن الواضح أنّ وجود الكلّيّ في ضمن الفرد القصير مقطوع الارتفاع في الزمان الثاني وجدانا ، وأمّا وجوده في ضمن الفرد الطويل فهو مشكوك الحدوث من أوّل الأمر ، وهو منفيّ بالأصل ، فيكون الكلّيّ مرتفعا في الزمان الثاني ، إمّا وجدانا ، أو بالأصل تعبّدا ، فلا شكّ في بقائه.

والجواب : أنّ هذا التوهّم فيه خلط بين الكلّيّ وفرده ، أو فقل : فيه خلط بين ذات الحصّة من الكلّي ـ أي ذات الكلّيّ الطبيعيّ ـ وبين الحصّة منه بما لها من الخصوصيّة ، والتعيّن الخاصّ ، فإنّ الذي هو معلوم الارتفاع إمّا وجدانا أو تعبّدا إنّما هو الحصّة بما لها من التعيّن الخاصّ ، وهي بالإضافة إلى ذلك غير معلومة الحدوث أيضا ، فلم يتحقّق فيها الركنان معا ؛ لأنّه كما أنّ كلّ فرد من الفردين مشكوك الحدوث في نفسه ، فإنّ الحصّة الموجودة به بما لها من التعيّن الخاصّ كذلك مشكوكة الحدوث ؛ إذ لا يقين بوجود هذه الحصّة ، ولا يقين بوجود تلك الحصّة ، ولا موجود ثالث حسب الفرض.

وأمّا : ذات الحصّة المتعيّنة واقعا ، لا بما لها من التعيّن الخاصّ بهذا الفرد أو بذلك الفرد ـ أي القدر المشترك بينهما ـ ففي الوقت الذي هي فيه معلومة الحدوث هي مشكوكة البقاء ؛ إذ لا علم بارتفاعها ، ولا تعبّد بارتفاعها ، بل لأجل القطع بزوال التعيّن الخاصّ يشكّ في ارتفاعها وبقائها ؛ لاحتمال كون تعيّنها هو التعيّن الباقي ، أو هو التعيّن الزائل ، وارتفاع الفرد لا يقتضي إلاّ ارتفاع الحصّة المتعيّنة به ، وهي ـ كما قدّمنا ـ غير معلومة الحدوث ، وإنّما المعلوم [حدوثه هو] ذات الحصّة ، أي القدر المشترك.

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ٦٣٩.

۶۸۸۱