قسمين رئيسين : الشكّ في وجود الرافع ، والشكّ في رافعيّة الموجود. وهذا القسم الثاني أنكر المحقّق السبزواريّ حجّيّة الاستصحاب فيه بأقسامه الثلاثة ، الآتية ، وهو القول العاشر في تعداد الأقوال. (١) ونحن نذكر هذه الأقسام ؛ لتوضيح مقصود الشيخ قدس‌سره :

١. «الشكّ في وجود الرافع» ، ومثّل له بالشكّ في حدوث البول ، مع العلم بسبق الطهارة. (٢) وهو رحمه‌الله لا يعني به إلاّ الشكّ في الشبهة الموضوعيّة خاصّة.

وأمّا : ما كان في الشبهة الحكميّة فلا يعمّه كلامه ؛ لأنّ الشكّ في وجود الرافع فيها ينحصر عنده في الشكّ في النسخ خاصّة ؛ لأنّه لا معنى لرفع الحكم إلاّ نسخه. وإجراء الاستصحاب في عدم النسخ ـ كما قال (٣) ـ إجماعيّ بل ضروريّ. والسرّ في ذلك ما تقدّم في مباحث النسخ في الجزء الثالث ـ من أنّ إجماع المسلمين قائم على أنّه لا يصحّ النسخ إلاّ بدليل قطعيّ (٤) ـ ، فمع الشكّ لا بدّ أن يؤخذ بالحكم السابق المشكوك نسخه ، أي إنّ الأصل عدم النسخ لأجل هذا الإجماع ، لا لأجل حجّيّة الاستصحاب.

٢. «الشكّ في رافعيّة الموجود» ، وذلك بأن يحصل شيء معلوم الوجود قطعا ، ولكن يشكّ في كونه رافعا للحكم. وهو على أقسام ثلاثة :

الأوّل : فيما إذا كان الشكّ من أجل تردّد المستصحب بين ما يكون الموجود رافعا له وبين ما لا يكون. ومثّل (٥) له بما إذا علم بأنّه مشغول الذمّة بصلاة ما في ظهر يوم الجمعة ، ولا يعلم أنّها صلاة الجمعة أو صلاة الظهر ، فإذا صلّى الظهر ـ مثلا ـ فإنّه يتردّد أمره لا محالة في أنّ هذه الصلاة الموجودة التي وقعت منه هل هي رافعة لشغل الذمّة بالتكليف المذكور أو غير رافعة؟

الثاني : فيما إذا كان الشكّ من أجل الجهل بصفة الموجود في كونه رافعا مستقلاّ في

__________________

(١) ذخيرة المعاد : ١١٥ ـ ١١٦.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ٥٥٩.

(٣) كذا ، والأولى «كما قيل» ، فإنّ الشيخ الأنصاريّ لم يقل : «إجماعي» ، بل نقل دعوى الإجماع ، بل الضرورة عن المحدّث الاسترآباديّ. فوائد الأصول ٢ : ٥٩٥.

(٤) تقدّم في الصفحة : ٤١٤.

(٥) أي الشيخ الأنصاريّ في فرائد الأصول ٢ : ٥٥٩.

۶۸۸۱