الخفقة أو الخفقتين ناقضة للوضوء على نحو الاستدلال في مقابل النوم ، فينحصر أن يكون مراده ـ والجواب قرينة على ذلك أيضا ـ هو السؤال عن شمول النوم الناقض للخفقة والخفقتين ، مع علم السائل بأنّ النوم في نفسه له مراتب تختلف شدّة وضعفا ، ومنها الخفقة والخفقتان ، ومع علمه بأنّ النوم ناقض للوضوء في الجملة ؛ فلذلك أجاب الإمام بتحديد النوم الناقض ، وهو الذي تنام فيه العين ، والقلب ، والأذن معا. أمّا : ما تنام فيه العين دون القلب والأذن ـ كما في الخفقة والخفقتين ـ فليس ناقضا.

وأمّا السؤال الثاني : فهو ـ لا شكّ ـ عن الشبهة الموضوعيّة بقرينة الجواب ؛ لأنّه لو كان مراد السائل الاستفهام عن مرتبة أخرى من النوم ـ [وهي] التي لا يحسّ معها بما يتحرّك في جنبه ـ لكان ينبغي أن يرفع الإمام شبهته بتحديد آخر للنوم الناقض. ولو كانت شبهة السائل شبهة مفهوميّة حكميّة ، لما كان معنى لفرض الشكّ في الحكم الواقعي فى جواب الإمام ، ثمّ إجراء الاستصحاب ، ولما صحّ أن يفرض الإمام استيقان السائل بالنوم تارة ، وعدم استيقانه أخرى ؛ لأنّ الشبهة لو كانت مفهوميّة حكميّة لكان السائل عالما بأنّ هذه المرتبة هي من النوم ، ولكن يجهل حكمها كالسؤال الأوّل.

وإذا كان الأمر كذلك ، فالجواب الأخير إذا كان متضمّنا لقاعدة الاستصحاب ـ كما سيأتي ـ فموردها يكون حينئذ خصوص الشبهة الموضوعيّة ، فيقال حينئذ : لا يستكشف من إطلاق الجواب عموم القاعدة للشبهة الحكميّة الذي يهمّنا بالدرجة الأولى إثباته ؛ إذ يكون المورد من قبيل القدر المتيقّن في مقام التخاطب ، وقد تقدّم في المقصد الأوّل أنّ ذلك يمنع من التمسّك بالإطلاق وإن لم يكن صالحا للقرينيّة (١) ؛ لما هو المعروف أنّ المورد لا يخصّص العامّ ، ولا يقيّد المطلق.

نعم ، قد يقال في الجواب : إنّ كلمة «أبدا» لها من قوّة الدلالة على العموم ، والإطلاق ما لا يحدّ منها القدر المتيقّن في مقام التخاطب ، فهي تعطي في ظهورها القويّ أنّ كلّ يقين ـ مهما كان متعلّقه وفي أيّ مورد كان ـ لا ينقض بالشكّ أبدا.

الثاني : في دلالتها على الاستصحاب ، وتقريب الاستدلال بها أنّ قوله عليه‌السلام : «فإنّه على

__________________

(١) تقدّم في الصفحة : ١٩٨.

۶۸۸۱