١. وجوب التعدّي إلى كلّ ما يوجب الأقربيّة إلى الواقع نوعا ، وهو القول المشهور ، (١) ومال إليه الشيخ الأعظم قدس‌سره (٢) ، وجماعة من محقّقي أساتذتنا (٣) ، وزاد بعض الفقهاء (٤) الاعتبار في الترجيح بكلّ مزيّة ، وإن لم تفد الأقربيّة إلى الواقع ، أو الصدور ، مثل تقديم الحظر على ما يتضمّن الإباحة.

٢. وجوب الاقتصار على المرجّحات المنصوصة ، وهو الذي يظهر من كلام الشيخ الكلينيّ قدس‌سره في مقدّمة «الكافي» ، (٥) ومال إليه الشيخ صاحب الكفاية قدس‌سره. (٦) وهو لازم طريقة الأخباريّين في الاقتصار على نصوص الأخبار ، والجمود عليها.

٣. التفصيل بين صفات الراوي ، فيجوز التعدّي فيها ، وبين غيرها ، فلا يجوز. (٧)

ولمّا كانت المباني في الأصل في المتعارضين مختلفة فلا بدّ أن تختلف الأقوال في هذه المسألة على حسبها ، فنقول :

أوّلا : إذا قلنا بأنّ الأصل في المتعارضين هو التساقط ـ وهو المختار ـ فإنّ الأصل يقتضي عدم الترجيح ، إلاّ ما علم بدليل كون شيء مرجّحا ، ولكن هذا الدليل هل يكفي فيه نفس دليل حجّيّة الأمارة ، أو يحتاج إلى دليل خاصّ جديد؟

فإن قلنا : إنّ دليل الأمارة كاف في الترجيح فلا شكّ في اعتبار كلّ مزيّة توجب الأقربيّة إلى الواقع نوعا. والظاهر أنّ الدليل كاف في ذلك ، لا سيّما إذا كان دليلها بناء العقلاء الذي

__________________

(١) نسبه الشيخ الأنصاريّ إلى جمهور المجتهدين. فرائد الأصول ٢ : ٧٨٠.

وأمّا المحدّثون فقد اقتصروا على المرجّحات المنصوصة ، كما في الحدائق الناضرة ١ : ٩٠.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ٧٧٩.

(٣) ومنهم السيّد المحقّق الخوئي في مصباح الأصول ٣ : ٤٢٢.

(٤) لم أعثر على القائل به. نعم ، قال المحقّق الخراساني ـ بعد المناقشة فيما ذكر لوجوب التعدّي ـ «ثمّ انّه بناء على التعدّي ... فلا وجه للاقتصار على التعدّي إلى خصوص ما يوجب الظنّ ، أو الأقربيّة ، بل إلى كلّ مزيّة ولو لم تكن بموجبة لأحدهما» كفاية الأصول : ٥١٠.

(٥) الكافي ١ : ٨.

(٦) كفاية الأصول : ٥٠٩. واختاره أيضا المحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ٤ «القسم الثاني» : ١٩٣.

(٧) هذا التفصيل ذهب إليه المحقّق النائينيّ في فوائد الأصول ٤ : ٧٧٨ و ٧٨٤ ـ ٧٨٥.

۶۸۸۱