أنّه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية ، وكبّر ، ثمّ جلس ، ثمّ قام ، فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير. وكذلك التشهّد الأوّل يجري هذا المجرى. وبأيّهما أخذت من باب التسليم كان صوابا». (١)
وهذا الجواب أيضا استظهروا منه التخيير مطلقا ، ويحمل على المقيّدات.
ولكنّه أيضا يناقش في هذا الاستظهار بأنّ من المحتمل قريبا أنّ المراد بيان التخيير في العمل بالتكبير لبيان عدم وجوبه ، لا التخيير بين المتعارضين. ويشهد لذلك التعبير بقوله : «كان صوابا» ؛ لأنّ المتعارضين لا يمكن أن يكون كلّ واحد منهما صوابا ، ثمّ لا معنى لجواب الإمام عن السؤال عن الحكم الواقعيّ بذكر روايتين متعارضتين ، ثمّ العلاج بينهما ، إلاّ لبيان خطأ الروايتين ، وأنّ الحكم الواقعيّ على خلافهما.
٥. مرفوعة زرارة ، المرويّة عن «عوالي اللآلئ» ، وقد جاء في آخرها : «إذن فتخيّر أحدهما ، فتأخذ به وتدع الآخر». (٢)
ولا شكّ في ظهور هذه الفقرة منها في وجوب التخيير بين المتعارضين ، وفي أنّه بعد فرض التعادل ؛ لأنّها جاءت بعد ذكر المرجّحات وفرض انعدامها.
ولكنّ الشأن في صحّة سندها ، وسيأتي التعرّض له. وهي من أهمّ أخبار الباب من جهة مضمونها.
٦. خبر سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر ، كلاهما يرويه : أحدهما يأمر بأخذه ، والآخر ينهاه عنه ، كيف يصنع؟ فقال عليهالسلام : «يرجئه حتى يلقى من يخبره ، فهو في سعة حتى يلقاه» (٣).
وقد استظهروا من قوله عليهالسلام : «فهو في سعة» التخيير مطلقا.
وفيه أوّلا : أنّ الرواية واردة في فرض التمكّن من لقاء الإمام ، أو كلّ من يخبره بالحكم على سبيل اليقين من نوّاب الإمام خصوصا أو عموما. فهي تشبه من هذه الناحية الرواية
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٨ : ٨٧ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٩.
(٢) عوالي اللآلئ ٤ : ١٣٣ ح ٢٢٩.
(٣) وسائل الشيعة ١٨ : ٧٧ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥.