أن تدلّ قرينة عقليّة على حذف لفظ ـ ، وفحوى الخطاب ـ ويعنون به مفهوم الموافقة ـ ، ودليل الخطاب ، ويعنون به مفهوم المخالفة. وهذه كلّها تدخل في حجّيّة الظهور ، ولا علاقة لها بدليل العقل المقابل للكتاب والسنّة. وكذلك الاستصحاب ، فإنّه أصل عمليّ قائم برأسه ، كما بحثه (١) المتقدّمون (٢) في مقابل دليل العقل.

والغريب في الأمر أنّه حتى مثل المحقّق القمّيّ (المتوفّى سنة ١٢٣١ ه‍. ق) نسق على مثل هذا التفسير لدليل العقل ، فأدخل فيه الظواهر ، مثل المفاهيم ، بينما هو نفسه عرّفه بأنّه «حكم عقليّ يوصل به إلى الحكم الشرعيّ وينتقل من العلم بالحكم العقليّ إلى العلم بالحكم الشرعيّ». (٣)

وأحسن من رأيته قد بحث الموضوع بحثا مفيدا معاصره العلاّمة السيّد محسن الكاظميّ في كتابه «المحصول» ، وكذلك تلميذه المحقّق صاحب الحاشية على «المعالم» الشيخ محمّد تقي الأصفهانيّ الذي نسج على منواله (٤) ، وإن كان فيما ذكره بعض الملاحظات ، لا مجال لذكرها ومناقشتها هنا.

وعلى كلّ حال ، فإنّ إدخال المفاهيم ، والاستصحاب ، ونحوهما (٥) في مصاديق الدليل العقليّ (٦) لا يناسب جعله دليلا في مقابل الكتاب ، والسنّة ، ولا يناسب تعريفه بـ «أنّه ما ينتقل من العلم بالحكم العقليّ إلى العلم بالحكم الشرعيّ».

وبسبب عدم وضوح المقصود من الدليل العقليّ أنحى (٧) الأخباريّون باللائمة على الأصوليّين ؛ إذ يأخذون بالعقل حجّة على الحكم الشرعيّ. ولكنّهم أنفسهم (٨) أيضا لم يتّضح

__________________

(١) أي طلبه. والأولى : بحث عنه.

(٢) كالمحقّق الحلّي في معارج الأصول : ٢٠٦ ، والعلاّمة الحلّي في مبادئ الوصول : ٢٥٠.

(٣) راجع أوّل الجزء الثاني من قوانين الأصول.

(٤) هداية المسترشدين : ٤٤٢ ـ ٤٤٣.

(٥) كالتفريع ـ وهو المنصوص على علّته ـ ، ومفهوم الموافقة ، واتّحاد طريق المسألتين.

(٦) تعريض لمن أدخلها في مصاديق الدليل العقلي ، كالفاضل المقداد ، والشهيد ، والمحقّق القمّي.

(٧) أي أقبل الأخباريون باللائمة عليهم. وبالفارسيّة : «اخباريون از راه سرزنش به اصوليين حمله كرده اند».

(٨) وفي «س» : ومع الأسف أنّهم.

۶۸۸۱