من الله (تعالى) على لسان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لتبليغ الأحكام الواقعيّة ، (١) فلا يحكون إلاّ عن الأحكام الواقعيّة عند الله (تعالى) كما هي ، وذلك من طريق الإلهام ، كالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من طريق الوحي ، أو من طريق التلقّي من المعصوم قبله ، كما قال مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام : «علّمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ألف باب من العلم ينفتح لي من كلّ باب ألف باب». (٢)

وعليه ، فليس بيانهم للأحكام من نوع رواية السنّة وحكايتها ، ولا من نوع الاجتهاد في الرأي والاستنباط من مصادر التشريع ، بل هم أنفسهم مصدر للتشريع ، فقولهم سنّة ، لا حكاية السنّة.

وأمّا : ما يجيء على لسانهم أحيانا من روايات وأحاديث عن نفس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فهي إمّا لأجل نقل النصّ عنه ، كما يتّفق في نقلهم لجوامع كلمه ، وإمّا لأجل إقامة الحجّة على الغير ، وإمّا لغير ذلك من الدواعي.

وأمّا : إثبات إمامتهم وأنّ قولهم يجري مجرى قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فهو بحث يتكفّل به علم الكلام. (٣)

وإذا ثبت أنّ السنّة ـ بما لها من المعنى الواسع الذي عندنا ـ هي مصدر من مصادر التشريع الإسلاميّ ، فإن حصل عليها الإنسان بنفسه بالسماع من نفس المعصوم ومشاهدته فقد أخذ الحكم الواقعيّ من مصدره الأصليّ على سبيل الجزم واليقين من ناحية السند ، كالأخذ من القرآن الكريم ثقل الله الأكبر ، والأئمّة من آل البيت عليهم‌السلام ثقله الأصغر. (٤)

__________________

(١) يدلّ عليه ما يدلّ على إمامتهم. فراجع الكافي ١ : ١٨٩ و ٢١٥ و ٢٨٦ ـ ٢٨٨ و ٣٣٦ و ٥٢٧ ـ ٥٢٨ ؛ مصابيح السنّة ٤ : ١٣٧ ؛ كمال الدين ١ : ٢٥٢ و ٢٦٢ ؛ كفاية الأثر : ١٠ ـ ١١.

(٢) لم أجده في المصادر الحديثيّة بهذه العبارة. وأمّا مضمونه ، بل متنه مع اختلاف يسير موجود في المصادر الحديثيّة للإماميّة والعامّة. فراجع بحار الأنوار ٤٦ : ٣٠٨ ؛ إحقاق الحقّ ٦ : ٤٠ ـ ٤٣ ؛ سليم بن قيس : ٢١٣ ؛ كشف الغمّة ١ : ١٧٧.

(٣) وإن شئت فراجع كشف المراد : ٣٦٤ ـ ٣٧٢ و ٣٩٧ ؛ النافع يوم الحشر : ٤٤ ـ ٥٠ ؛ مفتاح الباب : ١٨٧ ـ ٢٠٥ ؛ الحاشية على إلهيات الشرح الجديد للتجريد : ٢٠٩ ـ ٢٤٥ و ٤١٤ ـ ٤٤٦.

(٤) كما يدلّ عليه حديث الثقلين الذي هو من المتواترات. فراجع المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٠٩ ؛ ـ

۶۸۸۱