أي بصفة كونه دليلا وحجّة ، كما نسب ذلك إلى المحقّق القمّي رحمه‌الله في قوانينه ؛ إذ جعل موضوع علم الأصول الأدلّة الأربعة بما هي أدلّة (١).

ولو كان الأمر كما ذهب إليه رحمه‌الله ، لوجب أن تخرج مسائل هذا المقصد كلّها عن علم الأصول ؛ لأنّها تكون حينئذ من مبادئه التصوّريّة ، لا من مسائله. وذلك واضح ؛ لأنّ البحث عن حجّيّة الدليل يكون بحثا عن أصل وجود الموضوع وثبوته الذي هو مفاد «كان» التامّة ، لا بحثا عن لواحق الموضوع الذي هو مفاد «كان» الناقصة. والمعروف عند أهل الفنّ أنّ البحث عن وجود الموضوع ـ أيّ موضوع كان ، سواء كان موضوع العلم أو موضوع أحد أبوابه ومسائله ـ معدود من مبادئ العلم التصوّريّة ، لا من مسائله.

ولكن هنا ملاحظة (٢) ينبغي التنبيه عليها في هذا الصدد ، (٣) وهي : أنّ تخصيص موضوع علم الأصول بالأدلّة الأربعة ـ كما فعل الكثير من مؤلّفينا (٤) ـ يستدعي أن يلتزموا بأنّ الموضوع هو الدليل بما هو دليل ، كما فعل صاحب القوانين ؛ وذلك لأنّ هؤلاء لمّا خصّصوا الموضوع بهذه الأربعة فإنّما خصّصوه بها ؛ لأنّها معلومة الحجّيّة عندهم ، فلا بدّ أنّهم لاحظوها موضوعا للعلم بما هي أدلّة ، لا بما هي هي ، وإلاّ لجعلوا الموضوع شاملا لها ولغيرها ممّا هو غير معتبر عندهم ، كالقياس ، والاستحسان ، ونحوهما ، وما كان وجه لتخصيصه بالأدلّة الأربعة.

وحينئذ لا مخرج لهم من الإشكال المتقدّم ، وهو لزوم خروج عمدة مسائل علم الأصول عنه.

وعلى هذا ، فيتّضح أنّ مناقشة صاحب الفصول (٥) لصاحب القوانين ليست في محلّها ؛ لأنّ دعواه هذه لا بدّ من الالتزام بها بعد الالتزام بأنّ الموضوع خصوص الأدلّة الأربعة ، وإن لزم عليه إشكال خروج أهمّ المسائل عنه.

__________________

(١) قوانين الأصول ١ : ٩.

(٢) وفي س : نكتة.

(٣) أي القصد والمقصد.

(٤) منهم : صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ١١ و ١٢.

(٥) المصدر السابق.

۶۸۸۱