صحّة المعاملة ، فلا محالة يترتّب على ذلك فسادها.

هذا غاية ما يمكن أن يقال في بيان اقتضاء النهي عن المسبّب لفساد المعاملة ، ولكنّ التحقيق أن يقال :

إنّ استناد الفساد إلى النهي إنّما يصحّ أن يفرض ويتنازع فيه فيما إذا كان العقد بشرائطه موجودا حتّى بشرائط المتعاقدين ، وشرائط العوضين ، وأنّه ليس في البين إلاّ المبغوضيّة الصرفة المستفادة من النهي. وحينئذ يقع البحث في أنّ هذه المبغوضيّة هل تنافي صحّة المعاملة أو لا تنافيها؟

أمّا : إذا كان النهي دالاّ على اعتبار شيء في المتعاقدين والعوضين أو العقد ، مثل النهي عن أن يبيع السفيه ، والمجنون ، والصغير الدالّ على اعتبار [الرشد و] العقل والبلوغ في البائع ، وكالنهي عن بيع الخمر ، والميتة ، والآبق ، ونحوها الدالّ على اعتبار إباحة المبيع والتمكّن من التصرّف منه ، وكالنهي عن العقد بغير العربيّة ـ مثلا ـ الدالّ على اعتبارها في العقد ، فإنّ هذا النهي في كلّ ذلك لا شكّ في كونه دالاّ على فساد المعاملة ؛ لأنّ هذا النهي في الحقيقة يرجع إلى القسم الأوّل الذي ذكرناه ، وهو ما كان النهي بداعي الإرشاد إلى اعتبار شيء في المعاملة ، وقد تقدّم أنّ هذا ليس موضع الكلام من منافاة نفس النهي بداعي الردع والزجر لصحّة المعاملة.

فالعمدة هو الكلام في هذه المنافاة ، وليس من دليل عليها حتّى تثبت الملازمة بين النهي وفساد المعاملة ؛ وكون النهي عن المسبّب يكون معجّزا مولويّا للمكلّف عن الفعل ، ورافعا لسلطنته عليه ، فإنّ معنى ذلك أنّ النهي في المعاملة شأنه أن يدلّ على اختلال شرط في المعاملة بارتكاب المنهيّ عنه ، وهذا لا كلام لنا فيه.

وفي هذا القدر من البحث في هذه المسألة الكفاية ، وفّقنا الله (تعالى) لمراضيه.

۶۸۸۱