أو المتنجّس.
ورابعها : أن يتعلّق بوصف ملازم لها أو لجزئها ، كالنهي عن الجهر بالقراءة في موضع الإخفات ، والنهي عن الإخفات في موضع الجهر (١).
والحقّ أنّ النهي عن العبادة يقتضي الفساد ، سواء كان نهيا عن أصلها ، أو جزئها ، أو شرطها ، أو وصفها ؛ للتمانع الظاهر بين العبادة التي يراد بها التقرّب إلى الله (تعالى) ومرضاته ، وبين النهي عنها المبعّد عصيانه عن الله (تعالى) ، والمثير لسخطه ، فيستحيل التقرّب بالمبعّد ، والرضا بما يسخطه ، ويستحيل أيضا التقرّب بما يشتمل على المبعّد المبغوض المسخط له ، أو بما هو مقيّد بالمبعّد ، أو بما هو موصوف بالمبعّد (٢).
ومن الواضح أنّ المقصود من القرب والبعد من المولى القرب والبعد المعنويّان ، وهما يشبهان القرب والبعد المكانيّين ، فكما يستحيل التقرّب المكاني بما هو مبعّد مكانا كذلك يستحيل التقرّب المعنويّ بما هو مبعّد معنى.
ونحن إذ نقول ذلك في النهي عن الجزء والشرط والوصف ، نقول به ، لا لأجل أنّ النهي عن هذه الامور يسري إلى أصل العبادة ، وأنّ ذلك واسطة في الثبوت ، (٣) أو واسطة في العروض ـ كما قيل (٤) ـ ، ولا لأجل أنّ جزء العبادة وشرطها عبادة ، فإذا فسد الجزء والشرط استلزم فسادهما فساد المركّب والمشروط (٥) ، بل نحن لا نستند في قولنا في الجزء والشرط والوصف إلى ذلك ؛ لأنّه لا حاجة إلى مثل هذه التعليلات ، ولا تصل النوبة إليها بعد ما قلناه من أنّه يستحيل التقرّب بما يشتمل على المبعّد ، أو بما هو مقيّد أو موصوف بالمبعّد ، كما يستحيل التقرّب بنفس المبعّد بلا فرق.
__________________
(١) وفي المقام قسم آخر ، وهو أن يتعلّق النهي بوصفها غير الملازم ، كالغصبيّة لأكوان الصلاة المنفكّة عنها. وقال المحقّق الخوئيّ في المحاضرات ٥ : ٢٦ : «هذا القسم خارج عن محلّ البحث ، بل داخل في مسألة اجتماع الأمر والنهي». ولعلّه لم يذكره المصنّف في المقام.
(٢) هكذا قال المحقّق الأصفهاني في نهاية الدراية ١ : ٥٩١.
(٣) كما في كفاية الأصول : ٢٢٣ ـ ٢٢٤.
(٤) لاحظ نهاية الدراية ١ : ٥٩٠.
(٥) كما في الفصول الغرويّة : ١٤٥.