على فساد المنهيّ عنه ، فيصحّ أن يراد من الدلالة ما هو أعمّ من الدلالة اللفظيّة والعقليّة.
ونحن نقول : هذا صحيح على هذا القول ، ولا بأس بتعميم الدلالة إلى اللفظيّة والعقليّة في العنوان حينئذ ، ولكنّ النزاع مع هذا القائل أيضا يقع في الملازمة العقليّة قبل فرض الدلالة اللفظيّة الالتزاميّة ، فالبحث معه أيضا يرجع إلى البحث عن الاقتضاء العقليّ. فالأولى أن يراد من الدلالة في العنوان الاقتضاء العقليّ ؛ فإنّه يجمع جميع الأقوال والاحتمالات ، لا سيّما أنّ البحث يشمل كلّ نهي وإن لم يكن مستفادا من دليل لفظيّ.
والعبارة تكون أكثر استقامة لو عبّر عن عنوان المسألة بما عبّر به صاحب الكفاية قدسسره بقوله : «اقتضاء النهي الفساد» (١) ، فأبدل كلمة «الدلالة» بكلمة «الاقتضاء» ، ولكن نحن عبّرنا بما جرت عليه عادة القدماء في عنوان المسألة متابعة لهم.
٢. النهي ، إنّ كلمة «النهي» ظاهرة ـ كما تقدّم في الجزء الأوّل (٢) ـ في خصوص الحرمة ، وقلنا هناك : «إنّ الظهور ليس من جهة الوضع بل بمقتضى حكم العقل» ، أمّا نفس الكلمة من جهة الوضع فهي تشمل النهي التحريميّ والنهي التنزيهيّ ـ أي الكراهة ـ ، ولعلّ كلمة «النهي» في مثل عنوان المسألة ليس فيها ما يقتضي عقلا ظهورها في الحرمة ، فلا بأس من تعميم النهي في العنوان لكلّ من القسمين بعد أن كان النزاع قد وقع في كلّ منهما (٣).
وكذلك كلمة «النهي» ـ بإطلاقها ـ ظاهرة في خصوص الحرمة النفسيّة دون الغيريّة ، ولكنّ النزاع أيضا وقع في كلّ منهما ؛ فإذن ينبغي تعميم كلمة «النهي» في العنوان للتحريميّ والتنزيهيّ ، وللنفسيّ والغيريّ ، كما صنع صاحب الكفاية قدسسره (٤).
وشيخنا النائينيّ قدسسره جزم باختصاص النهي في عنوان المسألة بخصوص التحريميّ النفسيّ (٥) ؛ لأنّه يجزم بأنّ التنزيهيّ لا يقتضي الفساد ، وكذا الغيريّ.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢١٧.
(٢) تقدّم في الصفحة : ١١٥.
(٣) خلافا للشيخ الأنصاريّ ؛ فإنّه خصّ النزاع بالنهي التحريميّ. مطارح الأنظار : ١٥٧.
(٤) كفاية الأصول : ٢١٨. واختاره السيّد الإمام الخمينيّ في المناهج ٢ : ١٥١.
(٥) فوائد الأصول ٢ : ٤٥٦. والمحقّق الخوئيّ اختصّ النزاع بالنهي النفسيّ التحريميّ والنهي التنزيهيّ المتعلّق بذات العبادة ، راجع المحاضرات ٥ : ٥ ـ ٧.