ولا فرق في ذلك بين أن يكون تعدّد العنوان موجبا لتعدّد المعنون ، أو لم يكن ما دام أنّ المعنون ليس هو متعلّق التكليف بالذات.

نعم ، لو كان العنوان مأخوذا في المأمور به والمنهيّ عنه على وجه يسع جميع الأفراد حتّى موضع الاجتماع ـ وهو الفرد الذي ينطبق عليه العنوانان ـ ، ولو كان ذلك من جهة إطلاق الدليل ؛ فإنّه حينئذ تكون لكلّ من الدليلين الدلالة الالتزاميّة على نفي حكم الآخر (١) في موضع الالتقاء ، فيتكاذبان ، وعليه ، يقع التعارض بينهما ويخرج المورد عن مسألة الاجتماع كما سبق بيان ذلك مفصّلا.

كما أنّه لو كانت القدرة على الفعل مأخوذة في متعلّق الأمر على وجه يكون الواجب هو العنوان المقدور بما هو مقدور فإنّ عنوان المأمور به حينئذ لا يسع ولا يعمّ الفرد غير المقدور ، فلا ينطبق عنوان المأمور به بما هو مأمور به على موضع الاجتماع ، ولا يكون هذا الفرد غير المقدور شرعا من أفراد الطبيعة بما هي مأمور بها.

بخلاف ما إذا كانت القدرة مصحّحة فقط لتعلّق التكليف بالعنوان ، فإنّ عنوان المأمور به يكون مقدورا عليه ولو بالقدرة على فرد واحد من أفراده ؛ ولهذا قلنا : إنّه لو انحصر تطبيق المأمور به في خصوص موضع الاجتماع ـ كما في مورد عدم المندوحة ـ يقع التزاحم بين الحكمين في موضع الاجتماع ؛ لأنّه لا يصحّ تطبيق المأمور به على هذا الفرد ـ وهو موضع الاجتماع ـ إلاّ إذا لم يكن النهي فعليّا ، كما لا يصحّ تطبيق عنوان المنهيّ عنه عليه إلاّ إذا لم يكن الأمر فعليّا ، فلا بدّ من رفع اليد عن فعليّة أحد الحكمين ، وتقديم الأهمّ منهما.

ولقد ذهب بعض أعلام أساتذتنا (٢) إلى أنّ القدرة مأخوذة في متعلّق التكليف ، باعتبار أنّ الخطاب بالتكليف نفسه يقتضي ذلك ؛ لأنّ الأمر إنّما هو لتحريك المكلّف نحو الفعل على أن يصدر منه بالاختيار ، وهذا نفسه يقتضي كون متعلّقه مقدورا ؛ لامتناع جعل الداعي نحو الممتنع وإن كان الامتناع من ناحية شرعيّة.

ولكنّنا لم نتحقّق صحّة هذه الدعوى ؛ لأنّ صحّة التكليف بطبيعة الفعل لا تتوقّف على أكثر

__________________

(١) أي مدلول الآخر.

(٢) وهو المحقّق النائينيّ في أجود التقريرات ٢ : ٢٤ و ١٧٨.

۶۸۸۱