تقدّمه عليه ، إمّا في خصوص الموقّتات (١) أو في مطلق الواجبات (٢) ، على اختلاف المسالك. وبذلك يحصل لهم التوفيق بين تلك الأحكام العقليّة ؛ لأنّه حينما يفرض تقدّم وجوب ذي المقدّمة على زمانه فلا مانع من فرض وجوب المقدّمة قبل وقت الواجب ، وكان استحقاق العقاب على ترك الواجب على القاعدة ؛ لأنّ وجوبه كان فعليّا حين ترك المقدّمة.

أمّا كيف يفرض تقدّم زمان الوجوب على زمان الواجب؟ وبأيّ مناط؟ فهذا ما اختلف فيه الأنظار والمحاولات.

فأوّل المحاولين لحلّ هذه الشبهة ـ فيما يبدو ـ صاحب الفصول الذي قال بجواز تقدّم زمان الوجوب على طريقة الواجب المعلّق الذي اخترعه ، كما أشرنا إليه في الجزء الأوّل (٣). وذلك في خصوص الموقّتات ، بفرض أنّ الوقت في الموقّتات وقت للواجب فقط ، لا للوجوب ، أي إنّ الوقت ليس شرطا وقيدا للوجوب ، بل هو قيد للواجب ، فالوجوب ـ على هذا الفرض ـ متقدّم على الوقت ولكنّ الواجب معلّق على حضور وقته. والفرق بين هذا النوع وبين الواجب المشروط هو أنّ التوقّف في المشروط للوجوب وفي المعلّق للفعل. وعليه ، لا مانع من فرض وجوب المقدّمة قبل زمان ذيها (٤).

ولكن نقول : على تقدير إمكان فرض تقدّم زمان الوجوب على زمان الواجب ، فإنّ فرض رجوع القيد إلى الواجب لا إلى الوجوب يحتاج إلى دليل ، ونفس ثبوت وجوب المقدّمة المفوّتة قبل زمان وجوب ذيها لا يكون وحده دليلا على ثبوت الواجب المعلّق ؛ لأنّ الطريق في تصحيح وجوب المقدّمة المفوّتة لا ينحصر فيه ، كما سيأتي بيان الطريق الصحيح.

والمحاولة الثانية : ما نسب إلى الشيخ الأنصاريّ قدس‌سره من رجوع القيد في جميع شرائط الوجوب إلى المادّة (٥) ، وإن اشتهر القول برجوعها إلى الهيئة ؛ سواء كان الشرط هو الوقت أو غيره ، كالاستطاعة للحجّ والقدرة والبلوغ والعقل ونحوها من الشرائط العامّة لجميع

__________________

(١) كما في الفصول الغرويّة : ٧٩.

(٢) كما في مطارح الأنظار : ٤٩.

(٣) تقدّم في الصفحة : ١٠٣.

(٤) الفصول الغرويّة : ٧٩.

(٥) مطارح الأنظار : ٤٩.

۶۸۸۱