بالمطلوب على طبق ما أمر به جامعا لجميع ما هو معتبر فيه من الأجزاء والشرائط ، شرعيّة أو عقليّة ـ فإنّ هذا الفعل منه يعتبر امتثالا لنفس ذلك الأمر ، سواء كان الأمر اختياريّا واقعيّا ، أو اضطراريّا ، أو ظاهريّا. وليس في هذا خلاف ، أو لا يمكن أن يقع فيه الخلاف.

وكذا لا شكّ ولا خلاف في أنّ هذا الامتثال على تلك الصفة يجزئ ويكتفى به عن امتثال آخر ؛ لأنّ المكلّف ـ حسب الفرض ـ قد جاء بما عليه من التكليف على الوجه المطلوب. وكفى!

وحينئذ ، يسقط الأمر الموجّه إليه ، لأنّه قد حصل بالفعل ما دعا إليه ، وانتهى أمده ، ويستحيل أن يبقى بعد حصول غرضه وما كان قد دعا إليه ؛ (١) لانتهاء أمد دعوته بحصول غايته الداعية إليه ، إلاّ إذا جوّزنا المحال ، وهو حصول المعلول بلا علّة. (٢)

__________________

(١) أي بعد حصول الداعي إلى صدور ذلك لأمر.

(٢) وإذا صحّ أن يقال شيء في هذا الباب فليس في إجزاء المأتيّ به والاكتفاء بامتثال الأمر ، فإنّ هذا قطعيّ كما قلنا في المتن ، وإنّما الذي يصحّ أن يقال ويبحث عنه ففي جواز الامتثال مرّة أخرى بدلا عن الامتثال الأوّل على وجه يلغى الامتثال الأوّل ويكتفى بالثاني. وهو خارج عن مسألة الإجزاء ، ويعبّر عنه في لسان الأصوليّين بقولهم : «تبديل الامتثال بالامتثال».

وقد يتصوّر الطالب أنّ هذا لا مانع منه عقلا ، بأن يتصوّر أنّ هناك حالة منتظرة بعد الامتثال الأوّل ، بمعنى أن نتصوّر أنّ الغرض من الأمر لم يحصل بمجرّد الامتثال الأوّل فلا يسقط عنده الأمر ، بل يبقى مجال لامتثاله ثانيا ، لا سيّما إذا كان الامتثال الثاني أفضل. ويساعد على هذا التصوير أنّه قد ورد في الشريعة ما يؤيّد ذلك بظاهره ، مثل ما ورد في باب إعادة من صلّى فرادى عند حضور الجماعة : «إن الله (تعالى) يختار أحبّهما إليه». *

والحقّ ، عدم جواز تبديل الامتثال بامتثال آخر ؛ لأنّ الإتيان بالمأمور به بحدوده وقيوده علّة تامّة لحصول الغرض ، فلا تبقى حالة منتظرة بعد الامتثال الأوّل ، فيسقط الأمر لانتهاء أمده كما قلنا في المتن. أمّا ما ورد في جواز ذلك فيحمل على استحباب الإعادة بأمر آخر ندبيّ ، وينبغي أن يحمل قوله عليه‌السلام : «يختار أحبّهما إليه» على أنّ المراد : يختار ذلك في مقام إعطاء الثواب والأجر ، لا في مقام امتثال الأمر الوجوبيّ بالصّلاة وأنّ الامتثال يقع بالثاني. ـ منه رحمه‌الله ـ.

__________________

* عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أصلّي ثمّ أدخل المسجد فتقام الصلاة ، وقد صلّيت ، فقال عليه‌السلام : «صلّ معهم ، يختار الله أحبّهما إليه». وسائل الشيعة ٥ : ٤٥٦ ، الباب ٤ من أبواب صلاة الجماعة ، الحديث ١٠.

۶۸۸۱