الذي يلزمه عقلا سقوط الأمر الاختياريّ لو زال الاضطرار في الوقت أو خارجه على ما سيأتي ذلك في مبحث «الإجزاء» (١).

وقد يخفى على الطالب لأوّل وهلة الوجه في تسمية مباحث الأحكام العقليّة بـ «الملازمات العقليّة» ، لا سيّما فيما يتعلّق بالمستقلاّت العقليّة ، ولذلك وجب علينا أن نوضّح ذلك ، فنقول :

١. أمّا في المستقلاّت العقليّة : فيظهر بعد بيان المقدّمتين اللتين يتألّف منهما الدليل العقليّ ، وهما ـ مثلا ـ :

الأولى : «العدل يحسن فعله عقلا». وهذه قضيّة عقليّة صرفة هي صغرى القياس. وهي من المشهورات التي تطابقت عليها آراء العقلاء التي تسمّى «الآراء المحمودة». وهذه قضيّة تدخل في مباحث علم الكلام عادة ، وإذا بحث عنها هنا فمن باب المقدّمة للبحث عن الكبرى الآتية.

الثانية : «كلّ ما يحسن فعله عقلا يحسن فعله شرعا». وهذه قضيّة عقليّة أيضا يستدلّ عليها بما سيأتي في محلّه ، وهي كبرى للقياس ، ومضمونها الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع. وهذه الملازمة مأخوذة من دليل عقليّ ، فهي ملازمة عقليّة ، وما يبحث عنه في علم الأصول فهو هذه الملازمة ، ومن أجل هذه الملازمة تدخل المستقلاّت العقليّة في الملازمات العقليّة.

ولا ينبغي أن يتوهّم الطالب أنّ هذه الكبرى معناها حجّيّة العقل ، بل نتيجة هاتين المقدّمتين هكذا : «العدل يحسن فعله شرعا» ، وهذا الاستنتاج بدليل عقليّ. وقد ينكر المنكر أنّه يلزم شرعا ترتيب الأثر على هذا الاستنتاج والاستكشاف (٢) ، وسنذكر إن شاء الله (تعالى) في حينه الوجه في هذا الانكار الذي مرجعه إلى إنكار حجّيّة العقل (٣).

__________________

(١) يأتي في الصفحة : ٢٥٢.

(٢) أنكر الملازمة بعض الأخباريّين كالسيّد الصدر على ما حكاه الشيخ في فرائد الأصول ١ : ١٩ ، ومطارح الأنظار : ٢٣٢. وأنكرها أيضا صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ٢٣٧.

(٣) يأتي في الصفحة : ٢٤٣ ـ ٢٤٤.

۶۸۸۱