أفهذان اصطلاحان وتعبيران لمدلول واحد ، أو هما اصطلاحان مختلفان في المعنى؟

والذي يلجئنا إلى هذا الاستفسار ما وقع من الارتباك في التعبير عند كثير من مشايخنا الأعلام فقد يظهر من بعضهم أنّهما اصطلاحان لمعنى واحد ، كما هو ظاهر كفاية الأصول (١) تبعا لبعض الفلاسفة الأجلاّء (٢).

ولكن التحقيق لا يساعد على ذلك ، بل هما اصطلاحان مختلفان. وهذا جوابنا على الاستفسار.

وتوضيح ذلك : أنّه من المتسالم عليه ـ الذي لا اختلاف فيه ولا اشتباه ـ أمران :

الأوّل : أنّ المقصود من «الماهيّة المهملة» الماهيّة من حيث هي ، أي نفس الماهية بما هي مع قطع النظر عن جميع ما عداها ، فيقتصر النظر على ذاتها وذاتيّاتها.

الثانى : أنّ المقصود من «الماهيّة لا بشرط مقسميّ» الماهيّة المأخوذة لا بشرط التي تكون مقسما للاعتبارات الثلاثة المتقدّمة ، وهي ـ أي الاعتبارات الثلاثة ـ الماهيّة بشرط شيء ، وبشرط لا ، ولا بشرط قسميّ. ومن هنا سمي : «مقسما».

وإذا ظهر ذلك فلا يصحّ أن يدّعى أنّ الماهيّة بما هي هي تكون بنفسها مقسما للاعتبارات الثلاثة ؛ وذلك ؛ لأنّ الماهيّة لا تخلو من حالتين ، وهما : أن ينظر إليها ـ بما هي هي ـ غير مقيسة إلى ما هو خارج عن ذاتها ، وأن ينظر إليها مقيسة إلى ما هو خارج عن ذاتها ، ولا ثالث لهما.

وفي الحالة الأولى تسمّى «الماهيّة المهملة» ، كما هو مسلّم. وفي الثانية لا يخلو حالها من أحد الاعتبارات الثلاثة.

وعلى هذا فالملاحظة الأولى مباينة لجميع الاعتبارات الثلاثة وتكون قسمية لها ، فكيف يصحّ أن تكون مقسما لها؟ ولا يصحّ أن يكون الشيء مقسما لاعتبارات نقيضه ؛ لأنّ الماهيّة من حيث هي ـ كما اتّضح معناها ـ ملاحظتها غير مقيسة إلى الغير ، والاعتبارات الثلاثة ملاحظتها مقيسة إلى الغير؟! على أنّ اعتبار الماهيّة غير مقيسة اعتبار

__________________

(١) كفاية الأصول : ٢٨٣.

(٢) وهو الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة «قسم المنطق» : ٢٢ ، و «قسم الحكمة» : ٩٧.

۶۸۸۱