كان لها من الخصوصيّات اللاحقة لمدخولها.

٢. «وقوع النكرة في سياق النفي أو النهي» ؛ فإنّه لا شكّ في دلالتها على عموم السلب لجميع أفراد النكرة عقلا ، لا وضعا ؛ لأنّ عدم الطبيعة إنّما يكون بعدم جميع أفرادها. وهذا واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.

٣. «الجمع المحلّى باللام والمفرد المحلّى بها» ، لا شكّ في استفادة العموم منهما عند عدم العهد ، ولكنّ الظاهر أنّه ليس ذلك بالوضع في المفرد المحلّى باللام ، وإنّما يستفاد بالإطلاق بمقتضى الحكمة ، ولا فرق بينهما من جهة العموم في استغراق جميع الأفراد فردا فردا.

وقد توهّم بعضهم (١) أنّ معنى استغراق الجمع المحلّى وكلّ جمع مثل «أكرم جميع العلماء» هو استغراق بلحاظ مراتب الجمع ، لا بلحاظ الأفراد فردا فردا ، فيشمل كلّ جماعة جماعة ، ويكون بمنزلة قول القائل : «أكرم جماعة جماعة» ، فيكون موضوع الحكم كلّ جماعة على حدة لا كلّ فرد ؛ فإكرام شخص واحد لا يكون امتثالا للأمر. وذلك نظير عموم التثنية ؛ فإنّ الاستغراق فيها بملاحظة مصاديق التثنية ، فيشمل كلّ اثنين اثنين ، فإذا قال : «أكرم كلّ عالمين» فموضوع الحكم كلّ اثنين من العلماء ، لا كلّ فرد.

ومنشأ هذا التوهّم أنّ معنى الجمع ، الجماعة ، كما أنّ معنى التثنية ، الاثنان ، فإذا دخلت أداة العموم عليه دلّت على العموم بلحاظ كلّ جماعة جماعة ، كما إذا دخلت على المفرد دلّت على العموم بلحاظ كلّ فرد فرد ، وعلى التثنية دلّت عليه بلحاظ كلّ اثنين اثنين ؛ لأنّ أداة العموم تفيد عموم مدخولها.

ولكن هذا توهّم فاسد ؛ للفرق بين التثنية والجمع ؛ لأنّ التثنية تدلّ على الاثنين المحدود من جانب القلّة والكثرة ، بخلاف الجمع ؛ فإنّه يدلّ على ما هو محدود من جانب القلّة فقط ؛ لأنّ أقلّ الجمع ثلاثة ، وأمّا من جانب الكثرة فغير محدود أبدا. فكلّ ما تفرض لذلك اللفظ المجموع من أفراد مهما كثرت فهي مرتبة واحدة من الجمع وجماعة واحدة ،

__________________

(١) منهم صاحب القوانين في أوّل كلامه. راجع القوانين ١ : ٢١٥.

۶۸۸۱