أوّل من هذّب الفقه واستعمل النظر ، وفتق البحث عن الأصول والفروع في ابتداء الغيبة الكبرى.

ثمّ اقتفى أثره ابن الجنيد المعروف بالإسكافيّ ، وهو أستاذ الشيخ المفيد.

ثمّ وصل الدور إلى محمّد بن محمّد بن نعمان بن عبد السلام المعروف بـ «الشيخ المفيد» ، فألّف كتاب «التذكرة بأصول الفقه» ، واعتمد على الأصول في مقام الاستنباط.

ثمّ انتقل الدور إلى تلامذته :

منهم : السيّد الأجلّ السيّد المرتضى الملقّب بـ «علم الهدى» (المتوفّى سنة ٤٣٦ ه‍). ومنهم : شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن حسين بن علي الطوسيّ (المتوفّى سنة ٤٦٠ ه‍). ومنهم : سلاّر بن عبد العزيز الديلميّ (المتوفّى سنة ٤٣٦ ه‍). فقد صنّف الأوّل كتاب «الذريعة إلى أصول الشريعة» ، والثاني كتاب «العدّة في أصول الفقه» ، والثالث كتاب «التقريب».

وبعد الشيخ الطوسيّ توقّف سير البحث عن نظريّات السابقين ونقدها ؛ وذلك لحسن ظنّ تلامذة الشيخ بما استنبطه ، وأفتى به في كتبه. واستمرّت هذه الحالة مدّة تقرب من قرن ، إلى أن وصلت النوبة إلى سبط الشيخ ابن ادريس الحلّي (المتوفّى سنة ٥٩٨) ، فأقام مجلس البحث والنقد ، وألّف في الفقه الاستدلالي كتاب «السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي».

وبعد ابن إدريس وصل الدور إلى المحقّق الحلّي ، صاحب «شرائع الإسلام» (المتوفّى سنة ٦٧٦ ه‍). فألّف في أصول الفقه كتاب «نهج الوصول إلى معرفة الأصول» ، وكتاب «معارج الوصول إلى علم الأصول».

إلى أن وصلت النوبة إلى العلاّمة على الإطلاق أبي منصور جمال الدين حسن بن يوسف بن على بن مطهّر (المتوفّى سنة ٧٢٦ ه‍) ، فالعلاّمة بعد الدقّة والنظر في كتب القوم ألّف كتبا قيّمة في علم الأصول : منها : كتاب «غاية الوصول في شرح مختصر الأصول» و «النكت البديعة في تحرير الذريعة» و «نهج الوصول إلى علم الأصول» و «منتهى الوصول إلى علمي الكلام والأصول» و «تهذيب طريق الوصول إلى علم الأصول» و «مبادئ الوصول إلى علم الأصول». وهذه الكتب صارت محطّ أنظار العلماء ، لا سيّما كتاب «معارج الوصول» الذي تصدّى لشرحه جمع من العلماء ، بل كانت هذه الكتب مدار البحث والتحقيق إلى زمان الشهيد الثاني (المتوفّى سنة ٩٦٥ ه‍). وقد ألّف الشهيد الثاني كتابا سمّاه «تمهيد القواعد».

ثمّ ألّف ابن الشهيد الثاني أبو منصور جمال الدين حسن بن زين الدّين (المتوفّى سنة ١٠١١ ه‍) كتابا سمّاه «معالم الدين». وهذا الكتاب لسلاسة تعبيره ، وجودة جمعه ، وسهولة تناوله صار مدار البحث والدرس بين الأكابر ، فأقبلوا عليه بالتحشية والتعليق والشرح.

وفي القرن الثالث عشر بلغت العناية بعلم الأصول مرتبة اتّصفت بالإطناب والتطويل ، فألّفوا كتبا مفصّلة ومبسوطة في علم الأصول. منها : كتاب «هداية المسترشدين» للشيخ محمد تقي الاصفهاني ،

۶۸۸۱