غيرها من الحروف فلانّها أقوى الحروف والإبتداء بالاقوى أولى وأمّا كسرها فلأنّها زيدت ساكنة عند الجمهور لما فيها من تقليل الزّيادة ثُمَّ لما احتيج الى تحريكها حرّكت بالكسرة كما هو الأصل وظاهر مذهب سيبويه انّها زيدت متحرّكة بالكسرة الّتي هي أعدل الحركات لأنّا نحتاج الى متحرّك لسكون أوّل الكلمة فزيادتها ساكنة ليست بوجه.

وانّما سمّيت همزة وصل لانّها للتّوصل بها الى النّطق بالسّاكن ويسمّيها الخليل سلّم اللّسان لذلك أي لدفع الابتداء بالسّاكن فتكون مكسورة في جميع الأحوال إلّا في حال أن يكون عين المضارع منه أي من الباقي أو من المضارع [ مضموماً فتضمّها ] أي تلك الهمزة لمناسبة حركة العين لأنّها لو كسرت لثقل الخروج من الكسر الى الضّم ولو فتحت لالتبس بالمضارع اذا كان للمتكلّم [ فتقول : اُنْصُرْ اُنْصُرا اُنْصُروا الخ ، وكذا اِعْلَم واِضْرِبْ وانْقَطِعْ واجْتَمِعْ واستَخْرِج ] ثمّ استشعر إعتراضاً بأنَّ أكْرِمْ بفتح الهمزة أمر من تكرِمُ وما بعد حرف المضارعة ساكن وعينه مكسور فلم تزد في أوّله همزة الوصل مكسورة فأجاب بقوله : [ وفتحوا همزة اَكْرِمْ بناءً على الأصل المرفوض ] أي الاصل المتروك [ فإنّ أصل تُكْرِمُ تُاَكْرِمُ ] لأنَّ حروف المضارعة هي حروف الماضي مع زيادة حرف المضارعة فحذفوا الهمزة لاجتماع الهمزتين في نحو : ءُأكْرِمُ ثُمَّ حملوا يُاَكْرِمُ وتُاَكْرِمُ ونُاَكْرِمُ عليه وقد استعمل الأصل المرفوض من قال شعراً :

شيخاً علىٰ كُرْسِيّهِ مُعَمَّما

فإنَّه أهْلٌ لِأنْ يُأكْرَما

فلَمّا رأوا أنّه تزول علّة الحَذْف عند اشتقاق الأمر بحذف حرف المضارعة ردّوها لأنّ همزة الوصل إنّما هي عند الإضطرار فقالوا : من تُاَكْرِمُ اَكْرِمْ كما قالوا : من تُدَحْرِجُ دَحْرِج فلا يكون من القسم الثاني بل من القسم الاوّل ، وقوله بناء نُصب على المصدريّة لفعل محذوف ، أو في

۲۸۲۱۶۹