يمکن أن يقيمه کل من الفريقين المتنازعين. اما الجدل فانه يمکن أن يستعمله الفريقان معاً ما دام الغرض منه إلزام الخصم وافحامه لا الحق بما هو حق وما دام انه يعتمد عي المشهورات والمسلمات التي قد يکون بعضها في جانب الاثبات وبعضها الآخر في عين الوقت في جانب النفي. بل يمکن لأحد الفريقين أن يقيم کثيرا من الادلة الجدلية بلا موجب للحصر على رأي واحد بينما ان البرهان لايکون الا واحدا لا يتعدد في المسألة الواحدة وان تعدد ظاهرا بتعدد العلل الاربع على ما تقدم في بحث البرهان (١).

٤ ـ إن صورة البرهان لا تکون الا من القياس على ما تقدم في بحث البرهان اما المجادل فيمکن أن يستعمل القياس وغيره من الحجج کالاستقراء والتمثيل فالجدل أعم من البرهان (٢) من جهة الصورة غير ان أکثر ما يعتمد الجدل على القياس والاستقراء.

ـ ٤ ـ

تعريف الجدل (٣)

ويظهر بوضوح من جميع ما تقدم صحة تعريف فن الجدل بما يلي :

(انه صناعة علمية يقتدر معها حسب الامکان على اقامة الحجة من المقدمات المسلمة على أي مطلوب يراد وعلى محافظة أي وضع يتفق على وجه لا تتوجه عليه مناقضة).

وإنما قيد التعريف بعبارة (حسب الامکان) فلاجل التنبيه على أن عجز المجادل عن تحصيل بعض المطالب لا يقدح في کونه صاحب صناعة کعجز الطبيب مثلا عن مداواة بعض الامراض فانه لا ينفي کونه طبيبا.

__________________

(١) تقدم في ص ٣٧٣ ـ ٣٧٤.

(٢) تقدم في ص ٣٦٠ و ٣٦١.

(٣) راجع الجوهر النضيد : ص ١٩٧.

۵۲۴۱